صفات حامل الرسالة في القرآن
لقد تناول القرآن صفات أهل الرسالات فهو مليء بقصص الرسل وهم القدوة والمثل لكل حامل رسالة بل رسالتهم هي أعظم رسالة، كما أنه أشاد بغيرهم من حملة الرسالة كأصحاب الرسل وحوارييهم وذي القرنين والخضر وغيرهم، هؤلاء جميعا تجمع بينهم صفات مشتركة منها:
1ـ حب الخير للناس، وإمامهم في ذلك رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد بلغ من حبه الخير للخلق وشغفه بذلك أن يهدىء القرآن من حزنه صلى الله عليه وسلم على قومه وإصرارهم على البعد عن رحمة الله تعالى (إنك لا تهدى من أحببت) سورة النمل، (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين) سورة الشعراء، (لعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) سورة الكهف، أي لعلك أيها الرسول الكريم قاتل نفسك هما وغما وحزنا بسبب عدم إيمان قومك، (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات)، إنه القلب الذي أرسله ربه (رحمة للعالمين ). ولهذا فإن خديجة رضي الله عنها وقد عايشته وخبرت سجاياه صلى الله عليه وسلم توقعت ما أخبرته به يوم أن جاءها صلى الله عليه وسلم يرتجف وقد كان ما قالت: “كلا والله لا يخزيك الله أبدا” لماذا ياخديجة؟ ” إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الدهر”، ولهذا تعلم منه صاحبه وصدُّيقه رضى الله عنه فقال: “صنائع المعروف تقي مصارع السوء”.
قد كانت سمات النبي هذه وسجاياه سببا في صفاء نفسه وانشراح صدره. قال صاحب كتاب “لا تحزن”: (الصفة البارزة في معلم الخير صلى الله عليه وسلم هي انشراح الصدر والرضا والتفاؤل؛ فهو مبشر ينهىي عن المشقة والتنفير، ولا يعرف اليأس والإحباط، فالبسمة مُحيّاه، والرضا في خلده، واليسر في شريعته، والوسطية في سنته، والسعادة في ملته، إنَّ جُل مهمته أن يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم صلى الله عليه وسلم) انتهى.
وهكذا يجب أن يكون أصحاب الرسالات والمعلمون خاصة ” فأول المستفيدين من إسعاد الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد، يجنون ثمرته عاجلا في نفوسهم وأخلاقهم وضمائرهم فيجدون الانشراح والانبساط والهدوء والسكينة “.
ويحدد القرآن في سورة محمد صلى الله عليه وسلم أهم صفات الذين اختارهم الله تعالى لحمل رسالة الإسلام وأمانته وتبليغها للعالمين. إنهم: ( محمد رسو ل الله والذين معه ) فما صفاتهم ليتعلمها كل حامل رسالة؟
2ـ (أشداء على الكفار رحماء بينهم ) وهذه صفة واحدة أي أنهم متوازنون في أخلاقهم لا هم أشداء دائما ومع كل أحد؛ ولا هم رحماء دائما مع كل أحد، إنما أشداء على الكفار رحماء بينهم، فهم يميزون بين من يستحق الشدة ومن يستحق الرفق، وبين المواقف التي تحتاج الشدة وغيرها التي تحتاج الرفق وهذه هي الحكمة.
إنهم رحماء فيما بينهم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى)، إن باعثهم على فعل الخير هو الرحمة بالخلق وحب الخير لهم وهذا والله أي الرحمة بشير خير لمن وجدت في قلبه ففي الحديث: “لا تنزع الرحمة إلا من شقي”.
يقول صاحب كتاب “لا تحزن” : محبة الخير للناس موهبة ربانية، وعطاء مبارك من الفتاح العليم.
يقول ابن عباس متحدثا بنعمة الله عز وجل : في ثلاث خصال: ما نزل غيث بأرض إلا حمدت الله وسررت بذلك وليس لي فيها شاة ولا بعير، ولا اسمعت بقاض عادل إلا دعوت الله له وليس عنده لي قضية، ولا عرفت آية من كتاب الله إلا وددت أن الناس يعرفون منها ما أعرف.
أنشد حاتم الطائي:
أما والذى لا يعلم الغيب غيره ويحيي العظام وهي رميم
لقد كنت أطوي البطن والزاد يُشتهى مخافة يوم ٍأن يقال:”لئيم”