إذا أخطأ المقدمون
بقلم: محمد مختار المقرئ
إذا أخطأ المقدم من الناس.. المقتدى به المتبع ؛ فقد سنحت له فرصة عظيمة لتعليم أتباعه درساً عملياً في الأوبة إلى الحق ، والرجوع عن الخطأ ، وتمثل التواضع ، والتجرد من الهوى.. ذلك موضع تختبر فيه النفوس اختباراً صعباً ، أن يقال للذي يعلم الناس الصواب أخطأت ، فيطأطئ المخطئ رأسه للحق ، وإن صوبه من هو دونه ، غير مبالٍ بقول المخالفين: أخطأ (؟؟؟؟؟؟؟؟؟) المقدم المعظم ، ولا قابل باجتهاد المحبين في تصويب خطئه ، وتفننهم في تبرير زلته !!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :” ومما یتعلق بهذا الباب : أن یعلم أن الرجل العظيم في العلم والدین ، من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم إلى یوم القيامة، أهل البيت وغيرهم ، قد یحصل منه نوع من الاجتهاد ، مقروناً بالظن ونوع من الهوى الخفيَ ، فيحصل بذلك ما لا ینبغي اتباعه فيه ، وإن كان من أولياء الله المتقين .
ومثل هذا إذا وقع یصير فتنة لطائفتين : طائفة تعظمه فترید تصویب ذلك الفعل واتباعه عليه . وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحاً في ولایته وتقواه ، بل في بره وكونه من أهل الجنة ، بل في إیمانه حتى تخرجه من الإیمان !!
وكلا الطرفين فاسد .. فالخوارج ، والروافض ، وغيرهم من أهل الأهواء ، دخل عليهم الداخل من هذا ، ومن سلك طریق الاعتدال عظم من یستحق التعظيم وأحبه ووالاه ، وأعطى الحق حقه ، فيعظم الحق ویرحم الخلق ، ویعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات ، فيحمد ویذم ، ویثاب ویعاقب ، ویحب من وجه ویبغض من وجه ، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم ” ( (). () “منهاج السنة” : (543ـ 545/1).
قال أبو العتاهية :
بكى شجوةً الإسلامُ من علمائه فما اكترثوا لِما رأوا من بكائه
فأكثرهم مستقبح لصواب مَنْ يخالفه مستحسنٌ لصوابه
وقال أیضاً :
وأعظم الذنب بعد الشرك نعلمه في كل نفس :عماها عن مساويها
عرفانها بعيوب الناس تبصرها منهم ولا تبصر العيب الذي فيها
ألا ليتنا نلزم ما التزمه أئمتنا سلف هذه الأمة الصالح.. من العدل والإنصاف والوسطية ، ومن شجاعة الإقرار بالخطأ ، وعزيمة الرجوع عنه.