بين قيم الإسلام …وعنصرية المعارضة
بقلم فضيلة الشيخ: عزت السلاموني – رحمه الله
إسلامنا العظيم يحوي الكثير من المبادئ العظيمة التى استطاعت ان تحول العرب من مجتمع بدائي تفتك به العصبيات فتحوله إلى شراذم متصارعة متقاتلة إلى قادة للعالم فى سنوات قليلة من بين هذه القيم العظيمة التى ساهمت في بناء الأمة ونهضتها قيمة النصيحة التي دلنا عليها النبي صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف (الدين النصيحة قلنا لمن يارسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)وقد قال العلماء عن هذا الحديث إنه أحد أرباع الدين لما فيه من الخير العميم الذي به يكون صلاح الأمة ان التزمت به في حياتها.
وفي ظل الأحداث الجارية التي تمر بها مصرنا الحبيبة سنلفت النظر إلى النصح لأئمة المسلمين وعامتهم لأن هذا هو واجب الوقت وهو المخرج الحقيقي لحالة التصارع والتقاتل الموجودة بيننا الأن وأصل النصح في اللغة الخلوص يقال نصحت العسل إذا خلصته من الشمع فالنصيحة هي ارادة الخير للمنصوح وإخلاص الرأي فى توجيهه إلى مافيه مصلحته والنصيحة بين الحاكم والمحكوم متبادلة فعلى الحاكم ان ينصح لرعيته وأن يسعى إلى مافيه خيرهم ومنفعتهم فقد قال صلى الله عليه وسلم(مامن عبد يسترعيه الله رعية ثم لم يحطها بنصحه إلا لم يدخل الجنة)فنصح الحاكم لرعيته في أن يسعى لتحقيق كل ماينفعهم في دينهم ودنياهم والنهوض بهم وتحقيق الأمن والرخاء لهم دون غش أو خداع أو كذب
وأما النصيحة لأئمة المسلمين أى حكامهم فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم وحب اجتماع كلمة الأمة عليهم ومعاونتهم على الحق وتذكيرهم به وتنبيههم إن حادوا عنه وردهم إليه بالطرق المشروعة التي لاتفسد حال الأمة ولا تفرق كلمتها وتوقع الفتن فيما بين أبنائها وتعالوا لنرى نصح المسلمين الأوائل لأئمتهم وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحينما ينزل عليه الصلاة والسلام فى بدر فيتقدم إليه الحباب بن المنذر رضي الله عنه ليسأل عن هذا المكان وهل هو بوحي من السماء أم هو الرأي والحرب والمكيدة وهذا أمر خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يوحى إليه ولا وحى بعده وحينما علم أنه ليس بوحى قدم نصيحته ونتعلم من هؤلاء العظماء كيف يكون تقديم الرأى فالحباب يعترض على هذا المكان الذي نزلوا فيه ويبين سبب اعتراضه عليه فيقول ان هذا ليس بمنزل لأنه كان على أخر الماء فلو غلبتهم قريش فلن يجد المسلمون ماء ليشربوا منه ثم يشير بالمكان البديل مبينا السبب لاختياره ايضا فيقول ننزل ادنى ماء من قريش ثم نبني نبني عليه حوضا ونغور ماوراءه من آبار فنشرب ولا يشربون فنرى هذا الصحابي الجليل يقدم الإعتراض مسببا مشفوعا بالحل الذي يراه مناسبا ونرى عظمة القيادة فى استماع الرسول الكريم لهذه النصيحة والثناء عليها فيقول له (لقد أشرت بالرأي) فيعدل صلى الله عليه وسلم عن رأيه ويأمر الجيش بتنفيذ رأى جندى من جنوده الناصحين له.
ويتكرر المشهد في غزوة تبوك حينما يستأذن الصحابة في نحر الإبل ويأذن لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ويعترض عمر ويقول يارسول الله اذن يقل الظهر ويقدم البديل ولكن ارى أن تدعو الناس فيأتوا بفضل أزوادهم فتدعوا الله عليها فيبارك الله فيها وقد كان.
وفي الحديبية تأتي النصيحة من أم سلمة رضي الله عنها لتنهي موقفا من أشد المواقف التي اصابت الجبهة الداخلية للمسلمين حينما أمرهم الرسول بذبح الهدي فلم يذبحوا فأشارت عليه أن يخرج فينحر هديه دون أن يكلمهم فإنهم سينحرون هديهم وقد كان.
ولو أردنا تقصي مواضع النصح بين الراعي والرعية فى تاريخ الأمة لما كفتنا الصفحات ولكن هذه مجرد إشارة إلى هذا المعنى العظيم والمبدأ الرائع الذي يجمع شمل الأمة وينشر فيها الخير ويشعر كل فرد من أفراد المجتمع بمسئوليته وبقيمة رأيه وأهميته فيصبح المجتمع كله حاكما ومحكوما جسدا واحدا يسعى للخير وللمصلحة العامة .
ولكن للأسف الشديد بدلا من أن نزكي هذه القيمة العظيمة أبى أقوام منا إلا أن يستبدلوها بمسخ مشوه أتوا به من الغرب تحت مسمى المعارضه وليست المشكلة بالطبع في المسمى انما تكمن المشكلة فى مضمون كلا من الامرين.
فالنصيحة تقوم في أساسها على سد الخرق واعانة المنصوح على تخطى وحل المشاكل والصعاب التى تقابله
أما المعارضة التى نراها حاليا إنما تقوم على احداث الخرق وتوسيعه مما يؤدي في النهاية إلى أن يقف المجتمع متربصا بعضه ببعض ليتصيد الأخطاء بل وليوقع كل طرف الطرف الآخر فيها بل وليفتعل العقبات ويصنع المشكلات في طريق الحاكم ليسقطه وقد رأينا فى هذه الأيام عجبا من أمر أقوام يزعمون أنهم إنما يبحثون عن مصلحة الفقراء ولم يقدموا للفقراء درهما ولا دينارا ينفقون الملايين لإثارة الفوضى وسفك الدماء ولا يجودون بالملاليم للفقراء والمحتاجين رأينا من يسعى لمنع الإستثمار بترويع المستثمرين الذين جاءوا إلى مصر وابعادهم عنها.
رأينا من يتزيدون ويتاجرون بكل شئ لتحقيق اهدافهم ومصالحهم الشخصية فقد كان بعضا ممن يسمون أنفسهم بالنخبة يتحدثون عن هضم حقوق النصارى فلما جاء الدستور مستوفيا لحقوق النصارى كاملة لانقص فيها إذا بكبيرهم يتحدث عن حقوق الملاحدة والبوذيين ولو أجبته اليها لقال لك أين حقوق عبدة الشيطان ولو اجبته إليها لقال لك وأين حقوق الشيطان نفسه فالأمر امر مزايدة لا أمر نصيحة لسد الخلل ولو أجبته إلى حق الشيطان لقال لك انت مخالف للشريعة الإسلامية .
نصيحتى إلى النخبة وإلى الليبراليين وإلى كل المصريين أقول لهم اجعلوا المنافسة في البناء لافي الهدم
إن سب الإخوان ليل نهار لن يبنى مصر نريد أن نرى مشروعكم لبناء الوطن لا أن نرى استماتتكم في هدم الإخوان.
إن من أشد الأخطار على مصر اليوم هو ان بعض الفصائل المعارضة تبنى معارضتها على أسس عنصرية طائفية تهدف إلى إقصاء فصيل وطني وحرمانه من حقوقه المشروعة فالرافضون لرئيس الجمهورية يرفضونه لأنه من الإخوان المسلمين مع أنهم في ذات الوقت يطالبون بحق النصرانى فى أن يكون رئيسا للدولة وإذا عين أي شخص في منصب وزير أو محافظ أو حتى فراش في مؤسسة الرئاسة صرخ الجميع انه من الإخوان ورفعوا شعار أخونة الدولة ولم نسمع اعتراضا موضوعيا على كفاءة الشخص او طريقته فى الإدارة أو إنجازاته في العمل وإنما الرفض لمجرد أنه من الإخوان.
أليس الإخوان مواطنون مصريون لهم كافة الحقوق أم أنهم مواطنون من الدرجة الثانية لأن النخبة لاترضى عنهم.
لقد آن الأوان أن نكف عن هذه العنصرية البغيضة ولنجعل المقاييس مقاييس عملية موضوعية يقييم فيها الإنسان بأدائه وعمله لا بانتمائه السياسى أو الحزبى .
إن رفض البعض لتولي أي شخص مصري لمنصب لمجرد أنه ينتمي إلى فصيل معين دون اعطائه الفرصة وتقييم عمله وأدائه هو قمة العنصرية البغيضة التي يجب أن نرفضها ونتصدى لها جميعا
لنجعل التنافس بين الأحزاب والقوى السياسية فى العمل لجذب الاستثمارات إلى مصر وسيعلم الناس وسيرون باعينهم من الذي يسعى لخيرهم واصلاح أوضاعهم فسيكونون معه.
لنجعل التنافس في النزول إلى الاحياء الفقيرة وكل أحياء وأنحاء مصر لتنظيفها وتخفيف الأعباء عن كاهل اهلها .
إن ما ينفق على برنامج واحد من برامج التوك شو وغيرها كفيل بأن يحل مشاكل آلاف الفقراء .
ايها السادة لانريد أن نراكم تطلون علينا من شاشات التلفاز ليسب بعضكم بعضا ويلعن بعضكم بعضا فقد سئمنا ومللنا من تلك التفاهات والسفاهات أيها السادة نريد أن نراكم بيننا نتقاسم الرغيف سويا وندير المصانع سويا ونبني الوطن سويا