بسم الله الرحمن الرحيم
تابعت الجماعة الإسلامية ما أثير في الفترة الأخيرة حول الوقف الخيري ،وما نشر من أن هناك مشروع قانون قدم لمجلس النواب يقضي بأنه يجوز لرئيس مجلس الوزراء تغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح، وذلك تحقيقًا لمصلحة عامة تقتضيها ظروف المجتمع .
وإن الجماعة الإسلامية ليهمها أن تؤكد في هذا الخصوص على ما يلي :
أولاً : أن نظام الوقف نظام إسلامي أصيل ، وهو من محاسن الشريعة الغراء ،ومفخرة من مفاخر حضارة الإسلام، إذ هو من أعظم القربات التي يعم خيرها ويكثر برها، وهو مظهر لتضافر الجهود في مساعدة ذوي الحاجات، وتنمية المجتمعات ، وقد عُرف الوقف منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم نما واتسعت مجالاته عبر العصور الإسلامية المختلفة ، حتى شمل كل ما يحتاجه الناس في معايشهم ، بل وصل خيره وبره إلى غير البشر من الحيوان والطير وغيرها مما لم يُعرف له نظير في حضارات الأقدمين ولا أنظمة المعاصرين .
ثانياً : نظمت الشريعة الإسلامية الوقف ووضعت له قواعد وأحكام ،لا يجوز مخالفتها ولا الالتفاف عليها بحال ، ومن ذلك ضرورة الالتزام بالشروط التي يشترطها الواقفون لوقفهم ، ما دامت لا تخالف حكماً شرعياً ، وذلك عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون على شروطهم ، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً )، ولأن الأصل أن الواقف لم يرض بحبس ملكه لله تعالى وإخراجه من ملكه إلا بهذه الشروط التي اشترطها ،فوجب الالتزام بتلك الشروط ، ولقد اتفقت كلمة العلماء على وجوب الالتزام بشروط الواقفين ، وهم يعبرون عن ذلك بقولهم : ( شرط الواقف كنص الشارع )، حتى عدَّ بعضهم ترك العمل بشرط الواقف من الكبائر كما ذكره الهيتمي في كتابه : الزواجر عن اقتراف الكبائر .
ثالثاً: تثمن الجماعة الإسلامية موقف هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ، وترحب بالقرار الصادر عنهما بعدم الموافقة على مشروع القانون المقترح ، والتأكيد على أنه لا يجوز شرعًا تغيير شرط الواقف، وأنه لا يجوز بأي ذريعة مخالفة شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه.
رابعاً : كما أن الجماعة تؤكد بهذه المناسبة على ما تدعو إليه دائماً من ضرورة الالتزام بأحكام الشريعة الغراء في كل الأمور ، وعدم مخالفتها ،وأن ذلك هو سبيل الفوز والنجاح في الدنيا والآخرة . والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .