ــ مقدمة :
الشيخ عبود الزمر غنى عن التعريف ، يعرف قدره القاصى والدانى له منهجية ورؤية مستقلة فى التفكير بخاصة فيما يتعلق بالأحداث التى مرت بها البلاد قبل وعقب خلع د مرسى ولعلنا نذكر جميعا بأنه وحده من بين قيادة الجماعة الاسلامية المشهورين الذى لم يظهر فى ميدان رابعة ولم يكن موافقا على طريقة الميدان فى التعامل مع الأحداث بل ربما كان مقتنعا قناعة كبيرة بحدوث كارثة الفض , وقد أظهر بعد ذلك فى تصريحات له لومه لأبناء التيار الاسلامى على عدم ترك الميدان قبل الفض مباشرة رغم علمهم به , ولام د مرسى على عدم موافقته على الانتخابات المبكرة والتى بحسب رؤيته كانت ستؤخر تداعى الأحداث وكانت ستعطى فرصة للتيار الاسلامى لالتقاط الأنفاس بخاصة فى ظل وجود زخم وتأثير للشارع وقتها هذه رؤيته بصرف النظر عن صحتها أو عدم صحتها , كما وضح أن الشيخ كان على قناعة بأن الصيحات برابعة والشعارات العظيمة لن تُفعل عند الحاجة وأن التيار الاسلامى سيتحمل تبعات ذلك وهو ما حدث .
هذه كانت مقدمة مهمة ليس الغرض منها تقييم أو وضع تلك الرؤية موضع دراسة ونقد ولكنها مجرد توصيف بحسب فهمى ولست أهلا لكى أملك أدوات الحكم عليها بل ربما عارضها صاحبها وهذا حقه .
ــ والأن دعونا نتعرف على طريقة تفكير وعلى منهج الشيخ عبود فى التعامل مع الأحداث الجارية وهذا بحسب فهمى المتواضع ، هناك أمور مهمة ترتكز عليها معظم تصريحات الشيخ وهى :
ـ أن الحركة الثورية وبخاصة الاسلامية من الصعب نجاحها مالم تستطع جذب أو على الأقل تحييد المؤسسات المهمة فى المجتمع بخاصة المؤسسة التى تمتلك سلاحا تحييدا تاما .
ـ أن المواجهة بين الحركة الاسلامية والجيش النظامى نتيجته محسومة ونتيجته ليست فى صالح الحركة الاسلامية .
ـ أن تلك المواجهة ستؤدى لانفضاض الناس عن التيار الاسلامى نظرا للسنوات الطويلة التى زرعت فى قلوب الناس الهيبة الممزوجة بالحب للمؤسسة العسكرية .
ـ أن كسب المؤسسات المهمة لن يتأتى إلا بالحلول الناعمة وليس بالحل الصفرى ، فالأمر يحتاج لصبر وتحمل وفشل يعقبه نجاح مؤقت ثم فشل ثم نجاح أكبر وهكذا .
ـ أن الصراع ليس صراعا بين معسكر كفر ومعسكر إيمان بل هو بين معسكرين مسلمين مهما اتصف أحدهما بكل الأوصاف السيئة ، وأن طبيعة الصراع على هذا النحو يساعد على تشويه الإدراك عند الشعوب فلا تستطيع التحزب الا للأقوى منهما حتى وان كانت قلوبها مع الطرف الآخر وطبعا هذا لا يصب فى صالح الحركة الاسلامية .
ـ أنه فى حالة ضعف التيار الاسلامى فلا بد من التعامل مع الواقع بمرونة حتى لو أدى ذلك للتنازل عن مكاسب مهمة بل ربما يتم التنازل عن بعض الواجبات الشرعية من أجل الحفاظ على ما هو أوجب منها أو حتى لا نفقد الكل , والمقام لا يتسع لذكر أمثلة
ـ أن على الحركة الاسلامية العمل على الاستفادة من المتاح ليس من باب الاقرار والاعتراف للخصم بخارطته وطريقته ولكن من باب الانطلاق الناعم نحو الدخول لحلبة الصراع ثانية ذلك الصراع الذى حسمه أحد الأطراف حتى أخرج خصمه من الحلبة .
ـ أن تعرية الخصم أمام شعبه أمر مهم لذلك هو يرى بأن الشعارات البراقة التى يطلقها الخصم من وقت لآخر ينبغى التركيز عليها وإثبات عدم تقيده بها من أجل الحط من مكانته التى حازها بفضل الآلة الإعلامية الكبيرة التى سيطر عليها وسيطرت على عقول كثير من الناس .
ـ هو يرى بأن ما تتمسك به وتروجه بعض دوائر الحركة الاسلامية من شعارات فى موضوعات مثل خطورة الاقرار للخصم بسلطته وخطورة الاعتراف بشرعية الخصم وعدم المساس بشرعية الرئيس مرسى حفظه الله ، فالشيخ يرى أن تلك الأمور قد تجاوزها الزمان وما عادت تجدى وأن المتمسكين بها يقعون فى فشل تلو الفشل .
ـ أن الشيخ يرى بأن هناك أمورا مهمة ينبغى تقديمها الأن مثل :
مصلحة البلد التى يراد تقسيمها وتجزئتها وتقديم بعضها لمن يدفع أكثر
خروج المعتقلين والعفو عن المحكومين وعلى رأسهم الدكتور مرسى
عمل مصالحة وطنية تسمح للتيار الاسلامى بممارسة حقوقه المجتمعية المشروعة من سياسة وغيرها فى ظل وضع عادل
معالجة ملف سيناء حتى لا يتفاقم الأمر , وغير ذلك من الملفات المهمة
ــ أنه يرى أن تبنى تلك الأمور المهمة يحتم على حاملها التعامل بخطاب مرن ومناسب لا يؤدى لصدود الخصم ومؤيديه وهذا ليس من باب المداهنة أو الإقرار بباطل فى شيء
ــ أنه يراهن على وعى إخوانه فى الحركة الاسلامية بتفهم موقفه وإحسان الظن به ويكل أمر المتحاملين عليه لعامل الزمن الكفيل بالرد عنه .. وفى نفس الوقت هو دائما على أتم استعداد للتضحيه بإسمه وسمعته من أجل ما يرى فيه رضا ربه نحسبه كذلك .
هذا فهمى الخاص بى لمسلك الشيخ وله أن يعترض عليه جملة أو يعترض على بعضه
والحمد لله تعالى فإنى لست مقدسا لأحد ولست مطبلا لأحد والشيخ ليس معصوما وما قلته ليس تحزبا لمنهجه وانما توصيفا بحسب فهمى المتواضع
** وعليه فإنى أرى تشوشا فى تعامل الكثيرين تجاه موضوع الشيخ عبود ومن وجهة نظرى أرى أن التعامل مع تصريحات الشيخ لا يكون بالقطعة وإنما معالجة الأمر من جانب المعترضون ينبغى أن يكون بتناول منهجه ورؤيته بالنقد المناسب وأن يناقشوه مباشرة إن استطاعوا ليس حول تصريح من هنا وهناك ولكن فى أصل رؤيته وفكرته .
ولا أخفيكم سرا أن أخشى ما أخشاه الأن أن يقوم الشيخ عبود الاستقالة من مجلس شورى الجماعة الاسلامية والحزب بسبب الحملة الشديدة عليه ممن حسب أنهم سيحسنون الظن به , والقريبون من مقر الحزب يعلمون جهد الشيخ المشكور فى العمل داخل الحزب .
وأخير أسأل الله تعالى أن يبصرنى وإياكم للعمل وفق ما يحبه ويرضاه
محبكم جمال الكومى
رؤيتى المتواضعة حول طريقة تفكير الشيخ عبود الزمر

التعليقات