الدعوة إلى الله طريق السعادة

الدعوة إلى الله طريق السعادة
بقلم /م. جمال عبد المعطي
يقول تعالى : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].
لذلك يقول ابن القيم رحمه الله : “مقام الدعوة إلى الله أشرف مقامات التعبد”.
وقام الحسن البصري يتلو على أهل البصرة هذه الآية ويقول :
“هو المؤمن أجاب الله في دعوته ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته وعمل صالحاً في إجابته فهذا حبيب الله هذا ولى الله”.
وقال سفيان بن عينيه: ” أرفع الناس منزلهً عند الله من كان بين الله وبين عباده وهم الأنبياء والعلماء”.
ويقول تعالى : ﴿ َادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الحج: 67]
ويقول تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [التوبة: 71]
ويقول تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]
ويقول تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]
قال عمر بن الخطاب: “من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤد شرط هذه الآية”.
وقال عليه الصلاة والسلام : ” نضّر الله أمرأً سمع مقالتي فبلغها فرب حامل فقه غير فقية ورُب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ” رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وقال عليه الصلاة والسلام لعلى بن أبى طالب: “.. فو الله لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خيرُ، لك من حُمرْ النعم ” رواه البخارى
ــ الدعوة إلى الله تعالى هى إقتداء بمذهب سيد البشر :
الدعوة إلى الله تعالى مذهب سيد البشر وإمام المؤمنين الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم , قال تعالى : (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) , ونحن مأمورون بإتباع النبى صلى الله عليه وسلم بخاصة فى عمله المبارك الذى كرس فيه حياته كلها منذ بعثته حتى وفاته صلى الله عليه وسلم يقول تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله )
ــ الدعوة إلى الله هى تحقيق لطاعة من أجل الطاعات وأوجبها :
ـ قال تعالى : (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)
يقول ابن كثير فى تفسيره : والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من الأمة متصدية لهذا الشأن ، وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه ,
ويقول البغوى فى تفسيره :﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ ﴾ أَيْ : كُونُوا أُمَّةً ، مِنْ هنا صِلَةٌ ولَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ﴾ .
ويقول ابن الجوزى فى تفسيره زاد المسير : قوله تعالى : (ولتكن منكم أمة) قال الزجاج : معنى الكلام : ولتكونوا كلكم أمة تدعون إلى الخير ، وتأمرون بالمعروف ، ولكن “من” هاهنا تدخل لتخض المخاطبين من سائر الأجناس ، وهي مؤكدة أن الأمر للمخاطبين ، ومثله : فاجتنبوا الرجس من الأوثان [ الحج: 20 ] معناه: اجتنبوا الأوثان ، فإنها رجس , وأما الخير فى الأية ففيه قولان : أحدهما: أنه الإسلام ، قاله مقاتل , والثاني : العمل بطاعة الله قاله أبو سليمان الدمشقي . وأما المعروف ، فهو ما يعرف كل عاقل صوابه ، وضده المنكر ، وقيل: المعروف هاهنا: طاعة الله ، والمنكر: معصيته .
ـ وقال سبحانه (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) يقول ابن كثير فى تفسيره : يقول تعالى آمرا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يدعو الخلق إلى الله ( بالحكمة )
قال ابن جرير : وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة ( والموعظة الحسنة ) أي : بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس ذكرهم بها ؛ ليحذروا بأس الله تعالى .
وقوله : ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) أي : من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال ، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب ، كما قال : ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ) [ العنكبوت : 46 ] فأمره تعالى بلين الجانب ، كما أمر موسى وهارون – عليهما السلام – حين بعثهما إلى فرعون فقال : ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) [ طه : 44 ] . قال صاحب البحر المحيط : أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى دين الله وشرعه بتلطف ، وهو أن يسمع المدعو حكمه ، وهو الكلام الصواب القريب الواقع من النفس أجمل موقع . وعن ابن عباس : أن الحكمة : القرآن ، وعنه : الفقه . وقيل : النبوة . وقيل : ما يمنع من الفساد من آيات ربك المرغبة والمرهبة . والموعظة الحسنة : مواعظ القرآن ، عن ابن عباس ، وعنه أيضا : الأدب الجميل الذي يعرفونه . وقال ابن جرير : هي العبر المعدودة في هذه السورة . وقال ابن عيسى : الحكمة المعروفة بمراتب الأفعال ، والموعظة الحسنة : أن تختلط الرغبة بالرهبة ، والإنذار بالبشارة . وقال الزمخشري : إلى سبيل ربك : الإسلام ، بالحكمة : بالمقالة المحكمة الصحيحة ، وهي الدليل الموضح للحق المزيل للشبهة ، والموعظة الحسنة وهي التي لا تخفى عليهم إنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها ، ويجوز أن يريد القرآن ; أي : ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة .