بقلم خالد عبدالموجود
جلست يوما أتبادل الحديث مع صديق لي نقلب صفحات الماضي عن محنتنا السابقة وما كان فيها من تضحيات سواء من الأمهات والآباء والزوجات والإخوة ولما أمسك صديقي بطرف الحديث قال لي:عجبت لأخي وما صنعه معي! فلقد فتحت عيناي على الدنيا فوجدت أسرتي متورطة في مشكلة تشبه الثأر فقتل عمي رجلا ودخل السجن لأعوام طويلة وأبي يطوف خلفه في السجون ففقدت أسرتي كل ما لديها من متاع الدنيا كدنا نفقد البيت الذي نعيش فيه من أجل عمي وقبل خروجه بأعوام طويلة تم اعتقالي سياسيا وتناول أبي الراية من أبي ليواصل الكفاح خلفي في سجون مصر ويتحمل التبعات الجسام،وفي ذلك الحين لاحت له فرصة للسفر لإحدى الدول العربية فسافر لمدة عامين ،ولما عاد من سفره وجد عمي خرج من محبسه ،وقد قارب الخمسين من عمره وهو يريد الزواج وليس معه شيء فأعطاه أخي ما عاد به من سفره ليتزوج به.
واستمر هو في رحلة كفاحه خلفي من سجن إلى سجن.
ولما من الله علي وأحسن بي إذ أخرجني من السجن أخذت البحث عن العمل فوجدت عملا بسيطا ثم انتقلت لغيره وبحثت عن الزواج وساندني أخي وزوجني لا كابنه بل كابنته وبسبب دلك ضاق به العيش حتى يوفر لي نفقات الزواج ،وقد رأيت بنفسي أحد أولاده يطالبه بشراء ملابس جديدة للعيد وهو يقول:لن أفعل حتى يتزوج عمكم،وقد استدان من القاصي والداني وثقل عليه الدين ولا يستطيع السداد مشددا على نفسه وعياله حتى تم زواجي.
فأنا مدين لأخي ماحييت ،ومهما قلت أوفعلت فلن أوفيه حقه ولا أقول إلا ماقال موسى:رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين.
فلما أتم صديقي حديثه تنفست الصعداء ،وقلت له حقا :إنها لتضحيات عجيبة ولك الحق أن تفخر به كما افتخر النبي بخاله وتقول:هدا أخي فليريني امروء أخاه.