القائمة إغلاق

عزة العلم والدعوة

ما أجدر الدعاة اليوم أن يتفهموا مغزى هذه القصة التي حدثت منذ زمن ليس بالبعيد حينما دخل الخديوي الأزهر فقام الشيوخ والطلبة للترحيب به، وتقبيل يده إلا عالم واحد أبى أن يقوم من مجلسه – وكان مادًّا رجليه ومنع طلبته من القيام، ما كان من الخديوي إلا ذهب إليه وهو على حالته هذه،وسلم عليه، وهو في حنق شديد ولكنه أراد أن يخضع هذا الشيخ فأرسل له كيسًا مملوءًا بالنقود مع أحد حاشيته فقال له الشيخ: إن الذي يمد رجله لا يمد يده، وهكذا إخواني الدعاة من مد يده لن يستطيع أن ينطق بحق أو يقول حقًّا أو يلزم غيره بالحق ويأطره عليه.

ومن الغريب في دنيانا هذه أننا نجد أن الحكومات العلمانية هي التي تعين وتنقل وتفصل الدعاة إلى الإسلام أما القساوسة والرهبان فلا تستطيع أن تفعل معهم شيئًا من ذلك، فضلاً عن أن تعرف عنهم شيئًا بالرغم من أن النصارى هم القلة وبالرغم من الفارق الشاسع بين دعوة الإيمان التي يدعو إليها دعاة الإسلام ودعوة الكفر التي يدعو إليها هؤلاء ودعوة التوحيد والحق ودعوة التثليث والباطل (بل إن الحكام لا يستطيعون أن يأمروا القساوسة أو الرهبان بتأييد كذا أو شجب كذا كما يفعلون مع دعاة الإسلام وهذا كله له أسوأ الأثر على دعوة الحق وعلى المسلمين، وكان ذلك عاملاً تشجيع الدعوة النصرانية وجمع شمل الشباب النصراني تحت لواء الكنيسة تمهيدًا لتنصير مصر الغالية كما تنصرت من قبل لبنان والأندلس وكما تهودت من قبل فلسطين. بل إن السلطات المصرية أصدرت قانونًا منذ ثلاث سنوات يقضي بالحبس لمدة ستة أشهر أو غرامة خمسمائة جنيه أو كليهما معًا لكل خطيب يخلط بين الدين والسياسة أو تنفيذ سياسة الحكومة بقليل أو كثير. والعجيب في الأمر أنهم لا يعاقبون من يخلط بين الدين والسياسة طالما أنه يؤيدهم ويبرر ضلالاتهم وفجورهم وفسادهم.

فهل لهذا الليل من آخر والغريب في الأمر أنهم يفعلون ذلك مع دعاة الإسلام ولا يفعلونه مع القساوسة والرهبان ودعاة النصرانية والتثليث مع أن الإسلام لا يعرف فضلاً بين الدين والدولة، والمصحف والسيف، والشعائر والشرائع، أما النصرانية – إن صحت كدين وهو فرض جدلي فهي دين كهنوتي لا يمت إلى واقع الحياة بصلة، وليس فيه غير الرهبانية والتقيد … فهل لهذا الظلمات من نور يبددها؟ وهل لهذه الأباطيل من حق يدحضها؟ وهل لدعاة الإسلام من قوة تنصرهم وتشد أزرهم. نعم إخواني ألا إن نصر الله قريب.

التعليقات

موضوعات ذات صلة