القائمة إغلاق

رسالة هامة من الدكتور عصام دربالة


في مثلِ هذه الأيام كان الدكتور “عصام دربالة” رحمه الله قد تعرَّض لحادثٍ مروري ، وبعد أن نجَّاه الله كتب هذه الرسالة
أيها الإسلاميون أيها السياسيون أيها العسكريون
راقبوا آجالكم تَحسُن أعمالُكم 
منذ اللحظات الأولى التي أعقبت الحادث المروري الذي تعرضت له مؤخرًا ونجوتُ منه بفضل الله ورحمته – واعتبرتُ أن اللهَ أراد تذكيري بدنوِّ الأجل وأنَّ الأمر قد يكونأسرع مما أظن ، وجدتُني أتذكر قول أحد الصالحين : “مراقبةُ الأجلِ تُحسن العمل” 
هذا القول الذي يُعبر عن فلسفةٍ عميقةٍ في مجاهدة النفس وتقويمِها نابعةً من قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما فيما رواه البخاري : “كُنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيل ” وهو ما فَقِهَه ابن عمر رضي الله عنهما فقال : ” إذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباحَ وإذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساء ” . 
فمن قال لنفسه : إنَّ أجلي قد يكون في نهاية اليوم لا شك أنه يحسن العمل، ويبتعد عن الزلل، وسيختار في القرارات أصوبها، ومن الإختيارات أفضلها فإن لم يوافه الأجل نهاية اليوم فليقل لنفسه: ربما يكون الأجل في الصباح فيستمر في حملها على حال الصلاح والإصلاح.
إنَّ مراقبة الإنسان لأجله تُبعده عن مواقع الشهوات وعن مواطن الشبهات وتجعله يقمع غرائزه الهمجية ونوازعه الإنتقامية ، وتجعله رحيما بالخلق مُؤثرًا للحق ولو كان له تبعات أو تطلب تضحيات وترتفع بالنفس عن صغائر الأمور وسفاسفها إلى مراقي الأمور ومعانيها وتدفعه إلى بذل الوسع في استغلال الوقت لما فيه صلاحٌ للنفس ونفع للخلق ، وهو ما يصبُّ في تعمير الأكوان وتقوية الأوطان ويمهد لصاحبها الطريق إلى أعلى الجنان وهو يتزين في كل وقت بصالح الأعمال لملاقاة الرحمن والاستعداد ليوم الحساب
وأَولى الناس بمراقبة الأجل مَن شارَفَ على بلوغ الستين من عمره – وكاتب المقال منهم- واستمعْ إلى الفضيل ابن عياض وهو يسأل رجلا : كم عمرك ؟
قال الرجل: ستون عاما
قال الفضيل: إذا فأنت منذ ستين عاما تسير إلى ربِّك فيوشك أن تبلغ ،
قال الرجل: إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون،
قال الفضيل: أتدري معنى ما تقول ؟ من علم أنه لله عبدٌ فليعلم أنه بين يدي الله موقوفٌ، ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسئول، ومن علم أنه مسئول فليُعدَّ للسؤال جوابا،
فقال الرجل: وما النجاة ؟ ،
قال الفضيل: أن تُحسِن فيما بقي يغفر لك ما مضى، وإن لم تحسِن فيما بقي أخَذَك بما مضى وما بقى
فإذا علمنا أن حكومة حازم الببلاوي هي حكومة ستينية فهل يمكن أن نتصور أن أعضاءها قد راقبوا آجالهم عندما اتخذوا قرارا بفض اعتصام رابعة والنهضة مع معرفة أن هذا سيتسبب في قتل الآلاف منهم؟ ،
وهل لو راقب أجله الضابط الذي تسبب في مقتل قرابةِ أربعين مُعتقلا في عربةِ ترحيلات سجن أبي زعبل كان من الممكن أن يُقدم على ذلك ؟
ـ وهل يمكن تصور أن من أقدم على قتل الجنود الخمس والعشرين في سيناء قد راقب أجله ؟ 
ـ وهل الإعلام الذي يختلق الوقائع المُشينة ثم ينسبها لخصومه السياسين زورا وبُهتانا يمكن أن يكون قد راقب أجله؟ ،
وهل من أسند وظيفةً لرجل لقرابته له أو لانتمائه لحزبه وهناك أكفء منه قد راقب أجله؟ 
أيها المصريون من كل الإتجاهات السياسية والدينية ،
أيها السياسيون
أيها العسكريون
أيها الإعلاميون :
راقبوا آجالكم تحسن أعمالكم
من أجل آخرتكم
من أجل وطنكم
وتذكروا قول الشاعر 
كُنْ في الحياةِ كعابرِ سبيل *** واتركْ خلفَك كلَ أثرٍ جميل
فما نحن في الدنيا إلا ضيوفٌ *** وما على الضيفِ إلا الرحيل

التعليقات

موضوعات ذات صلة