القائمة إغلاق

عصام دربالة الرقم الصعب في زمن الصغار

 (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)

إن الله تعالى قيّض لهذا الدين رجالا يسدون ثغوره, ويذودون عن حياضه ويقفون حوائط صد في مواجهة الموجات العاتية المسمومة التي تهب على سماء الإسلام بين الحين والآخر ، ومن هؤلاء العظام شيخنا الهمام” عصام دربالة”،رحمه الله تعالى.

فيا خيبة من قتلوه ، ويا حسرة من سجنوه!! سجنوك ليذلوك فأعزك الله ، دبروا لك المكائد ليشوهوك فبرأك الله ، قتلوك ليخمدوا ذكرك فرفع الله ذكرك وأعلى قدرك ورحم الله الإمام أحمد ،حين قال :بيننا وبينهم الجنائز.

فجنائزهم يعشش فيها الخوف والرعب والهلع ، تحاصرها الحراسات والتفتيش من كل جانب وكأنهم كتب عليهم الخوف أمواتا وأحياء.

أما جنائزنا، فقلوب محبة وأرواح مشتاقة جاءت من ربوع مصر تشيع الشيخ الهمام إلى قبره ، لم تأت هذه القلوب مجبورة ولا مقهورة بل جاءت متلهفة لتصلي على رجل طالما سعى بالخير بين الناس وأراد طوال حياته السلام لهذا الوطن والسعادة الدائمة في ظلال وطن قوي تحت راية دين سمح ومنهج وسط.

احتشدت ألوف من البشر في موجات هادرة من الزحام، امتلأت بهم قرية البطل المغوار والقائد المحنك والسياسي البارع ، والأصولي الكبير “عصام درباله” ، لتصلي عليه وتحمل جنازته وسط مزيج مختلط من الحزن والفرح ، حزن الفراق واللوعة ، وفرح بأن الله اصطفى الشيخ للشهادة ، وكان دائما يتمناها ، جاء الجميع من اتفق معه ومن اختلف لأن الشيخ كان نموذجا رائعا من الأخلاق السامية حتى مع أشد المخالفين له ، فما رأيته طول صحبتي له منذ سنوات يذكر أحدا ممن يخالفهم بسوء، بل كان مترفعا متعاليا عن كل قول به نقيصه ، يذكر الجميع بالخير، يعطي لكل ذي فضل فضله فكان رحمه الله برغم زهده في الشهرة _وهوالجدير بها_عالي القدر حيا وميتا.

علو في الحياة وفى الممات … لحق تلك إحدى المكرمات

كأن الناس حولك حين قاموا ……. وفود نداك أيام الصّلات

كأنك واقف فيهم خطيبا ………………وكلهم قيام للصلاة

والحديث عن الشيخ ذو شجون ، لكني أذكر موقفا واحدا له في تلك العجالة: فقد تعرض الشيخ رحمه الله لحادث سيارة قبل القبض عليه بشهور ، وبعد أن نجاه الله من الموت المحقق ، كان أول ما خطر على باله _كما حكى لنا_سؤال مهم :ماذا كنت قائلا لربي لو أتانى الموت وأنا مؤيد للانقلاب العسكري الذي أراق دماء الشعب المصري وسجن خيرة شبابه؟ لذلك ظل شيخنا ثابتا على مبدأه رافضا كل المساومات والعروض ليتجلى الشيخ والجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية عن معارضة الإنقلاب وتأييد النظام الجديد بعد 3\7\2013م ، فكان رد الشيخ دائما لن نبحث عن مصالحنا الشخصية الضيقة, بل إننا فداء لهذا الدين ، ولهذا الوطن ، وظل رحمه الله رابط الجأش.

وبذل في سبيل مواقفه الشريفة حياته وعمره دفاعا عن دينه ووطنه ومبادئه. والسؤال الذي يؤلمني ويؤلم كل مسلم غيور على دينه أتوجه به إلى جموع المشايخ والعلماء الذين رضخوا لقصور فهم أو بتأويل للانقلاب ، ماذا بعد كل هذه الدماء؟ ماذا بعد آلاف المعتقلين؟ ماذا بعد انتهاك الحريات وقمع الكرامات؟ أما آن لكم أن تراجعوا مواقفكم وتتخذوا من عصام دربالة وغيره نموذجا للشجاعة والتضحية والفداء من أجل هذا الدين ، ولرفعة هذا الوطن؟!

رحم الله عصام درباله وموكب الشهداء وأخلفنا الله خيرا منه وثبتنا على طريق الحق حتى نلقاه. لك الله يا إمامي يا أعزّ معلم يا حامل المصباح في زمن العمى حسبوك مت وأنت حيّ خالد ما مات غير المستبد المجرم .

التعليقات

موضوعات ذات صلة