القائمة إغلاق

نعم الأمير أميرها. . ونعم الجند جندها

بقلم: المهندس أسامه حافظ

لتفتحن القسطنطينية على يد رجل . . فلنعم الأمير أميرها . . ولنعم الجيش دلك الجيش” رواه أحمد 
كان فتح القسطنطينية هو حلم كل قائد من قادة المسلمين . . وكان الإنخراط فى جيش هدا الفتح هو أمل كل جندى حمل سلاحه وانتظم فى جيوش فتوح الإسلام الواسعة . . كان الجميع يحلم أن يكون فى نبوءة النبى العظيم صلى الله عليه وسلم .
وتتابعت الحملات على المدينة الحصينة . . وحلم الدخول فى تلك النبوءة يشعل حماس المسلمين نحو الفتح . . ومند كانت حملة معاوية بن ابى سفيان الأولى سنه 44هجرية وحتى مجئ بنى عثمان كانت خمس وعشرين حملة تحطمت جميعا على أسوارها الحصينة .
وجاء بنو عثمان وهم يحملون نفس الحلم ويكملون المسيرة . . وهكدا هيأوا المسرح للفتح بالإستيلاء على كل البلاد حولها لتصبح المدينة سابحة فى بحر من مسلمى العثمانيين حولها ثم بدأت حملة السلطان بايزيد الصاعقة سنه 796 وارتدت لمجئ جيوش المغول بقيادة تيمورلنك ثم جاء مراد الثانى وتكررت محاولاته ولكن الأسوار الحصينة حالت بينه وبين دلك الحلم .
وجاء ابنه محمد ابو الفتوح سنه 1451 ليتأهب التاريخ ليسطر أعظم ملحمة وأبهج نصر فى تاريخ بنى عثمان .
كان أبوه مراد الثانى يعد ولده ليتبوأ مكانه مند ولد . . فأرسل لتأديبه وتعليمه الشيخ أحمد ابن اسماعيل الكورانى فأعده بخير ما يحتاجه من علوم وفروسيه ، فحفظ القرآن صغيرا فى مدة يسيرة واغترف من علوم عصره ما لا يحصى سواء فى علوم الدنيا من فلك وجغرافيا وحساب وميكانيكا وغيرها أو من علوم الشرع من تفسير وفقه وحديث بصورة جعلته من مبرزي عصره في مجاله أما القيادة والفروسية فقد برز فيها بروزا عظيماً .. وكيف لا يكون وهو سليل عظماء سلاطين بني عثمان الدين دوخوا بجندهم الغرب وأدلوا جيوشهم وقادتهم.
تولي الحكم ولم يجاوز العشرين فأحسن سياسة الحكم بما أظهره من حسن إدارة وتربية عظيمة.
أتم استعداده للفتح العظيم ثم بدأت جيوشه تتحرك نحو الحلم القديم وقد عزم ألا يعود قبل أن يحققه.
وفي سنة 1453 وبالتحديد يوم 6 أبريل كان 250 ألف جندي يحاصرون الجزء البري من أسوار القسطنطية واربعمائة سفينة يحاصرون الجزء البحري منها وعلي رأس هؤلاء كان السلطان الفاتح يدير الحصار.
كانت القسطنطينة هي أكثر بلاد العالم تحصينا .. إ كانت المياه يحيط بها من ثلاث جهات مضيق البسفور وبحر مرمرة والقرن الدهبي وكانت سلسلة ضخمة تتحكم في الدخول إلي هده المياه وتمنع السفن من العبور.
وكان يحيط بها سور داخلي ارتفاعه أربعين قدما 12مترا وله أبراج بارتفاع 60قدما 20 مترا أما السور الخارجي فارتفاعه 25قدما 7.5 مترا وبين السورين 60 قدما من المياه تسير في خندق عميق.
في بداية الحصار حضرت مساعدات بحرية بقيادة مغامر يسمي جستنيان فشل الأسطول العثماني في منعها من تجاوز السلسلة والدخول للمشاركة في الدفاع عن المدينة بعد معركة هائلة فقئت فيها عين قائد الأسطول العثماني “بلطة أوغلي ” حيث تم عزل هدا القائد بسبب فشله هدا وقيل بل قتل وهكدا تولي هدا الجستنيان قيادة الجند المدافع عن المدينة الحصينة .
وقد استمر الحصار بضع وخمسين يوماً ومدافع العثمانيين لا تتوقف عن قصف أسوار المدينة ليلاً أو نهاراً حتي حرمت أهل المدينة النوم.
وكان لا يكاد يمر يوم إلا وللمسلمين حدث جديد يزيد من رعب أهل المدينة ويدهب بلبهم.
فقد فكر السلطان طويلا في كيفية إحكام الحصار حول المدينة من جهة البحر وتفادي تلك السلسلة التي فشل هو وجنوده واسطوله في تحطيمها والنفاد لبحر مرمرة.
وهنا تفتق دهن السلطان عن حل يدل علي عبقريته الحربية فقد أمر أن تسوي الأرض حول القرن الدهبي ثم أمر بأن تكسي الأرض بألواح من الخشب وطلاها بالقار والناس تنظر مستغربة مادا يفعل ومادا يريد؟
ثم وفي ليلة 22 أبريل أمر بوضع السفن علي هدا الطريق الخشبي المطلي بالقار وأمر بسحب سبعين سفينة من أسطوله تحت جنح الظلام ليفاجأ أهل المدينة بسفن المسلمين تمخر مياه بحر مرمرة وسط تكبير العثمانيين يزلزل قلوبهم.
ومرة أخري يأمر السلطان بحفر نفق يسير من تحت الأسوار ليفاجأ أهل المدينة بالأرض تنشق ويخرج منها بعض من جند الترك..صحيح أن أهل المدينة اجتمعوا عليهم واستطاعوا قتلهم بعد معركة ضارية .. إلا أن تكرار المحاولة أكثر من مرة جعل أهل المدينة يسيرون في المدينة ويضعون آدانهم من آن لآخر علي أرض الطريق خوفاً من انشقاق الأرض عن مزيد من جند الترك.
ومرة أخري أنشأ العثمانيون برجاً خشبياً عملاقاً يرتفع حتي أسوار المدينة وقد كسوه بالجلود المغمورة بالمياه وقد امتلأ بالجنود وانطلقوا به نحو الأسوار وأسهم الجند تصطاد حرس الأسوار وهم يندفعون نحوها حتي وصلوا حيث قامت معركة شرسة علي الأسوار انتهت باحتراق البرج بعد جهد جهيد . وابتسم السلطان وقال غداً ننشيء أربعة آخرين.
كان السلطان يتأهب للمعركة الفاصلة بإنهاك قوي عدوه وتحطيم معنوياتهم وروح الصمود فيهم. وفي مثل هده الايام ايضا يوم 27 مايو علي وجه التحديد امر السلطان جنده بالتطهر من الدنوب والصلاة والقيام تاهبا للمعركة الفاصلة ..لقد حانت ساعة الفتح .
ثم .. وفي ليلة التاسع والعشرين وفي الساعة الواحدة صباحاً منها بدأت أمواج متتالية من الجند تهاجم الأسوار موجة وراء موجة وكلما أرهقت موجة من القتال عادت لتحل محلها موجة أخري بينما أخد التعب والإرهاق بجند الحراسة المستقتلين علي الأسوار.
وعندما أشرق الصباح كان الجو قد تهيأ للهجمة الأخيرة حيث ركب السلطان وحوله جنده من الإنكشارية صفوة جيشه العظيم واندفعوا جميعاً نحو المدينة التي أنهكها 54يوماً من الحصار.
وهكدا بعد معركة لم تطل كثيراً دخل محمد الفاتح القسطنطية علي حصان أبيض يحف به جنده ورأسه مطأطأة خشوعاً لله ثم ترجل وسجد شكراً لله وسط تكبير وتهليل الجند المنتصر.
غير السلطان اسم المدينة إلي إسلامبول ” دار الإسلام ” وأمر بوقف القتال وأمن الناس علي أرواحهم وممتلكاتهم وأمر بتحويل كنيسة آيا صوفيا الشهيرة كبري كنائس المدينة إلي مسجد وأمر بإعدادها لصلاة الجمعة بعد أيام . في مثل هده الأيام من شهر مايو 1453فتح السلطان محمد الفاتح القسطنطينية ..وفي مثل هده الايام من سنة1481 ايضا في شهر مايو مات السلطان محمد الفاتح بعد أن أضاف إلي هدا الفتح العظيم هزيمة المجر وتوسيع دولته لتشمل صربيا واليونان والأفلاق والقرم والجزر الرئيسية في الأرخبيل.
كان جيوشه يومها في جنوب إيطاليا متوجهة نحو رومية ولا يقف في طريقها أحد .. ولما مات انسحب الجيش وأقام البابا الصلوات ثلاثة ايام ابتهاجا وشكرا للرب .نعم الامير محمد الفاتح .. ونعم الجيش دلك الجيش.

التعليقات

موضوعات ذات صلة