القائمة إغلاق

5 يونيو… دفتر الذكريات

بقلم: فضيلة الشيخ عبود الزمر

في مثل هذا اليوم الخامس من يونيو عام ١٩٦٧ انطلقت صافرات الإنذار بمبنى الكلية الحربية، فأسرعنا نحن الطلبة إلى إعداد الشدة الميدانية، وانطلقنا إلى أماكن الانتشار المحددة لكل منا في المنطقة خارج المباني في الصحراء، وتولينا الدفاع عن النطاق الخارجي لمدينة القاهرة ضمن لواء الطلبة الذي يقوده معلمو الكلية، واتخذت موقعي الدفاعي على طريق الإسماعيلية حاملاً مدفعا رشاشا (جرينوف) ومستعدا للاشتباك مع أي هدف معاد يقترب على الطريق أو أي طيران إسرائيلي منخفض، وجاءتنا بعد ذلك الأخبار المحزنة بانسحاب الجيش المصري من سيناء وأنه تعرض لخسائر فادحة في الأرواح والمعدات، ثم تم تكليف طلبة السنة النهائية، وكنت واحداً منهم بتدريب وحدات منشأة حديثاً في منطقة الهايكستب، فذهبنا إلى هناك وقمنا بواجبنا الوطني في تعليم الجنود المستجدين المهارات العسكرية التي تعلمناها.

لقد أذهلتني الهزيمة السريعة للجيش المصري، ولكنى تأكدت من أن الجيش لم يأخذ فرصته للقتال بل أمرته القيادة بالانسحاب دون خطة، فجرى ما كان.

وهكذا تعرضت القوات المسلحة إلى نقد شديد لم تكن تستحقه لأن المسؤولية كانت تقع على عاتق القيادة السياسية التي أثارت العدو بالمناورات العسكرية في سيناء، والإعلان عن غلق مضيق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية، وأيضا القيادة العامة للقوات المسلحة التي لم تكن مستعدة لإدارة المعركة، ولكن المقاتل المصري كان بطلا حينما وجد الفرصة للقتال، كما حدث في معركة رأس العش، وغيرها من مواضع التضحية والفداء.

والذى يؤكد كلامي أن نفس المجندين من دفعات ٦٥، ٦٦، ٦٧، كانوا ضمن القوات المشاركة في نصر أكتوبر، وكذلك الضباط الذين عاصروا الهزيمة أصبحوا قادة في معركة التحرير وأبلى الجميع منهم بلاء حسناً.

ومن العجيب أننى نزلت إجازة بعد النكسة بنحو شهر وتكلمت مع والدى فقال رحمه الله:

إذا كان الجيش المصري هزم في معركة الأيام الستة، فإن عليه إذا أراد أن يهزم إسرائيل أن يكون ذلك في معركة خاطفة لا تتجاوز ست ساعات!!!.

ولما قامت حرب٧٣ أطلق عليها الخبراء (حرب الساعات الست)!! وذلك لأن المعركة حسمت من الساعة الثانية ظهراً وحتى الثامنة مساء يوم السادس من أكتوبر، حيث عبرت القوات وتم تركيب الكباري وعبور الدبابات والأسلحة الثقيلة، وكنت أريد أن أهنئ والدى على حدسه، ولكنه كان قد توفى قبل الحرب بأسبوعين.

رحم الله المقاتلين من الجنود والضباط في معارك الشرف والاستبسال، الذين قدموا أرواحهم فداء لمصر.

ويكفي أن أقول للقارئ الكريم أننا كنا نتدرب في الجيش المصري على التضحية والفداء من أجل الوطن، وذلك أنه عندما يصاب المقاتل منا في الميدان فإنه يسقط إلى الأمام حيث يكسب أرضا جديدة، ولا يكون سقوطه إلى الخلف أبدا.

حفظ الله الوطن من كل مكروه وسوء..

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

التعليقات

موضوعات ذات صلة