كتب: الشاعر سلطان إبراهيم
الجماعة الإسلامية تربت على أن تكون جماعة منضبطة حركتها بالشرع الحنيف تأبى المداهنة والركون وتستوعب ما سبقها من تجارب
ولذالك فمنطلقات مواقفها
أولا: الإنضباط بالشرع ومتى اقتعت أن موقفها الشرعي منضبطا فهي لا تبال ببذل الأرواح والأعمار وتاريخها يثبت ذلك وكل الدنيا تشهد لها بذلك .
فهي وراء الشرع تسير ومن خلفه تمضي .
ثانيا : هذا الانضباط الشرعي يجعل الجماعة تنظر بعمق وفهم للواقع وتقدم مصلحة الدين والوطن على شتى المكاسب الحزبية والفئوية والتاريخ والواقع يشهدان بذلك للجماعة قيادة وأفرادا بل هي تسعى إليه حسبة لربها وابتغاء ما عند الله حتى وإن ظن البعض أن هذا السعي يصب في صالح خصمها فهي لا تبال بذالك فقد تحرك فضيلة الدكتور عصام لينبه الشباب هنا وهناك ويصحح لهم الأفهام في مسائل التكفير والتفجير بالرغم من المواجع في النفوس تجاه من ظلموا وقتلوا وسفكوا الدماء وذلك انطلاقا من قوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) . لأنه يقدم مصلحة الدين والوطن فوق الهوى والميل ورغبات النفوس .ولم يمنعها ظلم النظام لها ولأفرادها من قولة الحق والسعي لمجاربة التكفير أو التفجير ورفض ما يحدث من قتل للجنود والضباط .فالجماعة كانت ولا زالت تجعل الشرع حاكما على أعمالها ومواقفها وتصرفاتها لذا فهي تبني قراراها على رؤية شرعية وشورى جماعية ولا تحيد عن رؤيتها ميلا إلى إتجاه أو ميلا عنه فهي مع الحق حيث اعتقدت والله حسبها وكافيها وخير وكيل وحفيظ لها في سعيها وحراكها . لذا فهي تسعى وستظل تسعى إلى مصلحة بلدها وتعمل على رفعة وطنها وتمنى توحيد صفه وتريد أن يكون الشعب المصري كله لحمة واحدة.
ثالثا: الجماعة لا تسير وراء أحد ولا تلبس عباءة غيرها فمن يحاول أن يدندن على أن الجماعة تسير وراء الإخوان يغالط نفسه لأن الجماعة خالفت الإخوان فيما لا يحصى من المواقف ولها رؤيتها الشرعية ومنطلقاتها الفكرية الخاصة بها ويكفي أن أضرب على ذلك مثلا واحدا في اوضح لحظات المفاصلة لاستبيان المعية والضدية ــ بغض النظر عن صواب الموقف أو خطأه ــ لم تكن الجماعة في صف الإخوان مثلا في الإنتخابات البرلمانية ولم تكن معها في ترشيح مرسي رئيسا في المرحلة الأولى لانتخابات الرئاسة وهي وإن خالفت موقف الإخوان فقد خالفت عن اجتهاد وشورى والآن وقفت في التحالف الوطني لدعم الشرعية مع الإخوان عن اجتهاد وشورى وليس دورانا في فلك الإخوان فالجماعة تعارض الإنقلاب لأنه أثر سلبا على الدين وهناك حالة حدثت نتيجة الإنقلاب أثرت سلبا على الدين وساهمت في توهين مكانته في نفوس الناس وهو ما يرفضه كل صاحب عقل ودين فالجماعة ترفض ذلك وهي بمنتهى النبل تقف موقفها حسبة لله تعالى حسب ما تراه من نصرة للدين والحق والجماعة لن تغير موقفها إلا باجتهاد للدين ومسوغ شرعي وشورى جماعية ولن تفعل ذلك يوما استجابة لضغوط مهما كانت والله حسبها وهو نعم الوكيل .
خامسا : إن الإنضباط الشرعي لأبناء الجماعة ربى نفوسهم على الترك لله فتركوا من حقوقهم الشخصية الكثير والكثير بل وقد جاءت فترة من الفراغ الأمني عقب ثورة يناير كامن البعض يتوقع فيها أن تقوم الجماعة فتفتح ملفات الثأر ممن قتلوا أبنائها وسجنوهم وعذبوهم ولكنها كانت اسمى نفسا وأروع تسامحا ذلك التسامح العجيب الذي أثار عجب وإعجاب خصومها قبل محبيها فما ذكر أن أحدا من أبنائها تعرض لأحد أو سعى للتعرض لأحد حسبة لله تعالى
سادسا :الجماعة الإسلامية تربت على أنها تأبى المداهنة والركون لذلك فأبناؤها هم من أشجع الناس وأصبر الناس و أكثر الناس تضحية وأزهد الناس في زخرف الدنيا وأكثر الناس استهانة بالتهديد والوعيد لا يؤثر فيها ضغط أمني ولا يرهبها سيف المعز ولا يستهويها ذهبه فالجماعة قد استصحبت الصدق في السعي للحق دون النظر الى الخلق .
سابعا : إن الجماعة تستوعب ما سبقها من تجارب ووالجماعة من أكثر الفصائل التي مرت بتجارب في العصر الحديث ولعل حجم التجارب التي مرت بالجماعة قد أنضج الرؤى وصفى الأذهان وأصقل العقول والأفهام وقد ظهر ذلك في كثير من مواقف الجماعة ولا تزال الجماعة في سيرها تجمع بين الانصياع للشرع وأمره ورؤية الواقع والوعي به واستيعاب الماضي وفهمه
ثامنا : الجماعة فكرة ورؤية اجتمعت عليها قلوب كوادرها وأفرادها ــ وقد قيد الله لها من القيادات من يسوسها بمنهج ربها ويحدو طريق سيرها على درب الحق وكان منهم الدكتور عصام دربالة فرج الله كربه وغيره من إخوانه من مجلس الشورى المنتخب وسائر القيادات والكوادر العاملة ـ ولكني رغم ذلك أعتقد أن الجماعة قد خرجت منذ أمد طويل من طور الطفولة الفكرية فلم تعد تدور في فلك قائد أو مجموعة من القيادات أو تتمحور حل رؤى أحد بل أصبحت بالفعل تتحقق فيها بكل صفوفها وقواعدها وأفرادها بعد ان أنارت بصيرتها الشريعة و صهرتها المحن وعركتها التجارب وأنضجتها الخبرات متجسدة في كل الكيان رؤية وفكرة حركة ومنهاجا
فغدت بكل ما تعنيه الكلمات (جماعة منضبطة حركتها بالشرع الحنيف تأبى المداهنة والركون وتستوعب ما سبقها من تجارب )فالله أكبر والعزة لله والحمد لله أولا وآخرا .