كيف نزرع الأمل ؟!
بقلم الدكتور أحمد زكريا عبداللطيف فك الله أسره
إن من أهم مقومات السعادة والاطمئنان والتى تجعل لحياة الإنسان قيمة هو أن يحيا بالأمل.
فالأمل ذلكم الشعاع الذى يلوح للإنسان فى دياجير الحياة فيضئ له الظلمات وينير له المعالم ويهديه سبل الرشاد.
الأمل الذى تترعرع فى ظلاله الوارفة شجرة الحياة , فهو القوة الدافعة التى تشرح الصدر للعمل وتبعث النشاط للروح والبدن.
إن الذى يدفع الفلاح إلى الكدح والعرق أمله فى الحصاد, والذى يبعث الطالب على الجد والمثابرة أمله فى التفوق , والذى يهون على الشعوب المستعبدة التكاليف الباهظة للجهاد أملهم فى التحرر والحياة الكريمة الراقية, والذى يجعل المؤمن يطيع مولاه ويخالف هواه أمله فى رضوان الله وجنته.
فما أضيق العيش …. لولا فسحة الأمل أما اليأس والقنوط وما أدراك ما اليأس ؟ فهو العقبة الكؤود والمعوق القاهر الذى يقتل فى النفس بواعث الحياة. واليأس يحدث فى أعضاء صاحبه ضعفاً ويورث أهل العزم توهينا فإذا دب اليأس إلى القلب أظملت الدنيا وأغلقت الأبواب وتقطعت الأسباب.
لذا نجد أن الكفر واليأس متلازمان , فكلاهما سبب للآخر قال تعالى” …إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ” وقال سبحانه”… وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ” وبعيدا عن اليأس واليائسين تعالوا نقترب من آفاق الأمل والمستبشرين , فكما أن اليأس والكفر متلازمان , فإن الإيمان والأمل متلازمان ولذلك فالمؤمن أوسع الناس أملا وأكثرهم تفاؤلا واستبشارا فالمؤمن يركن إلى ركن شديد يتعلق قلبه بإله عظيم لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء.
أرحم بعباده من الوالدة بولدها , إله يجيب المضطر إذا دعاه ويقبل توبة عبده إذا ناداه , إله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار , ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل, إله يدعوا المعرض عنه من قريب , ويتلقى المقبل عليه من بعيد:” أنا عند ظن عبدى بى وأنا معه إذا ذكرنى…”. ولولا الأمل لانتحر المبتلون والمعذبون والمرضى ولكن المسلم يعبد ربا كريما رحيما , فكيف ييأس وهو يرى ألطاف الله ورحماته تحيطه دائما فشعاره دائما :” لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا ” ويعرف هذا جيدا من ذاق مرارة البلاء وتوالت عليه المحن , ويرى أصحاب الأمل الخير كامنا فى الشر , ويرون اليسر مع العسر والنصر مع الصبر, وبزوغ الفجر مع اشتداد ظلمة الليل , إذا أصابه المرض العضال دخل بستان” وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” وإذا أثقلته الذنوب وأوشك على الغرق لاذ بسفينة :” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” وإذا رأى الباطل ينتفش امتلاء قلبه بيقين:” بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ …” وإذا تمالأ الظالمون على حرب الإسلام وقل الناصر وتخاذل الجميع كان له فى رياض :”… حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل” الأمل المشرق فى ظهور الحق وزوال الظلم , وإذا أرجف المرجفون وتظاهر المنافقون تجد المؤمن يردد مع الصابرين المجاهدين: صَبْرًا أَخِي فِي مِحْنَتِي وَعَقِيدَتِي ….. لاَبُدَّ بَعْدَ الصَّبْرِ مِنْ تَمْكِينِ وَلَنَا بـِيُوسُفَ أُسْوَةٌ فِي صَبْرِهِ ….. وَقـَدِ ارْتَمَى فِي السِّجْنِ بـِضْعَ سِنِينِ هَوِّنْ عَلَيْكَ الأَمْرَ لاَ تَعْبَأْ بـِهِ ….. إِنَّ الصِّعَابَ تَهُونُ بِالتَّهْوِينِ أَمْسٌ مَضَى، والْيَوْمُ يَسْهُلُ بـِالرِّضَا ….. وَغَدٌ بـِبَطـْنِ الْغـَيْبِ شِبْهُ جَنِينِ لاَ تَيْأَسَنَّ مِنَ الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ ….. وَتَقـُلْ مَقـَالَةَ قـَانِطٍ وَحَزِينِ! شَاةٌ أُسَمِّنُهَا لِذِئْبٍ غَادِرٍ ….. يَا ضَيْعَةَ الإِعْدَادِ وَالتَّسْمِينِ! فـَعَلَيْكَ بَذْرُ الْحَبِّ لاَ قـَطـْفُ الْجَنَى ….. وَاللهُ لِلسَّاعِينَ خَيْرُ مُعِينِ سَنَعُودُ لِلدُّنْيَا نـُطِبُّ جِرَاحَهَا ….. سَنَعُودُ لِلتَّكْبِيرِ وَالتَّأْذِينِ سَتَسِيرُ فـُلْكُ الْحَقِّ تَحْمِلُ جُنـْدَهُ ….. وَسَتَنـْتَهِي لِلشَّاطِئِ الْمَأْمُونِ بـِاللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا؛ فَهَلْ ….. تَخْشَى الرَّدَى، وَاللهُ خَيْرُ ضَمِينِ؟! فلنثق تماما أن الله منجز وعده وناصر دينه وعباده الصالحين , والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.