والمبادئ ايضا .. لاوطن لها
بقلم: المهندس أسامه حافظ
هل من تعليقات لديك بشأن فلسطين ؟ هكذا سأل الحاخام اليهودي إيلي كامير الذي يدير موقع الحاخام الحر اليهودي الصحفية المخضرمة هيلينا روبرتس – 90 عاما – في احتفال البيت الأبيض تحت عنوان ” التراث اليهودي الأمريكي “وهو يبتسم ابتسامة خبيثة .. أجابت هيلينا بتلقائية ” قل لهم يخرجوا من فلسطين يجب أن نتذكر أن هؤلاء الناس محتلون وأن فلسطين ليست ديارهم “.. عاد الرجل يسأل ” الي أين ترين أن يذهبوا ” قالت” ليعودوا إلي أوطانهم في المانيا وبولندا وامريكا “
لم تكن هذه هي المرة الأولي التي تتكلم فيها بجرأة في مواجهة الثوابت الأمريكية والإسرائيلية المهيمنة علي السياسة الأمريكية ولكنها هذه المرة كانت القاصمة .. فقد وجد خصومها من الصهاينة والمتصهينين في عبارتها الموجزة فرصتهم في القضاء علي خصم طالما تربصوا به ولم يستطيعوا أن ينالوا منه .. وسرعان ماانطلقت أجهزة الاعلام الجبارة تنهش في لحم الصحفية المخضرمة .. ولم يفلح اعتذارها ولا دفاعها الواهن في الوقوف في وجه الطوفان .. وكشر في وجهها كل من كان يبتسم .. وفر من حولها كل صديق وحبيب .. وفي النهاية استقالت هيلينا وتقاعدت وغادرت كرسيها كعميدة لمراسلي البيت الأبيض بعد أن ظلت قرابة الخمسين سنة تعمل هناك .
ولنبدأ القصة من اولها .. من هي هيلين هذه وما هي قصتها بالضبط .
في نهايات القرن التاسع عشر خرج ابوها من لبنان إلي أمريكا لايحمل الا دريهمات قليلة وكتاب للصلوات حيث استقر هناك .. وبعد سنوات وبالتحديد عام 1920 ولدت هيلينا حيث استطاعت بدأبها وهمتها أن تتخرج في الجامعة في اوائل العشرينيات من عمرها .. وهناك عملت في وكالة أنباء محلية قرابة العشرين سنة .. واثناء الإنتخابات الفيدرالية كلفت بمتابعة الحملة الانتخابية للرئيس الامريكي المرتقب جون كيندي في بلدتها ثم تم تعيينها مراسلة للوكالة في البيت الأبيض ظلت هيلينا علي مقعدها هذا كمراسلة في البيت الأبيض قرابة الخمسين سنة تعاقب فيها علي الرئاسة عشر رؤساء كانت فيها موضع تقدير الجميع .
حفظ الأرشيف الأمريكى لهيلينا مواقف كثيرة فيها الحق العربي وهاجمت السياسة الأمريكية منها مثلا قولها للرئيس الأمريكي بوش ” هل يفكر الرئيس في أن الفلسطينيين لديهم الحق في مقاومة 35 عاما من الاحتلال الوحشي ساندت والقمع “
ومنها قولها للرئيس الامريكي عند القصف الاسرائيلي للبنان ” الولايات المتحدة كان من الممكن أن توقف قصف لبنان من جانب اسرائيل .. لكنها بدلا من ذلك ايدت العقاب الجماعي ضد الجميع في لبنان وفلسطين “
بل إنها تحدت الدعاية الصهيونية في امريكا بقولها ” اشكر الله لقيام حزب الله بطرد اسرائيل من لبنان .. إن اسرائيل هي السبب في 99 في المائة من كل هذا الارهاب . ” بل إنها لم تتورع عن تشبيه المتظاهرين الذين يقاومون الاحتلال المستبد الذي تمارسه اسرائيل باولئك الذين قاوموا الاحتلال النازي .
كان آخر مواقفها ما واجهت به رئيس امريكا حول حادث مجزرة اسطول الحرية الاخير ” إنه موقف يرثي له ماذا تعني بقولك إنك تأسف لما كان من الواجب ادانته بشدة وصرامة أكثر وأي علاقة متينة لنا مع دولة تتعمد قتل الناس وتحاصر أي نجدة لهم وتحاصرهم .. إن الاسف لايعيد الحياة لمن قتلوا . “
كانت من علي كرسيها في الصف الاول هي التي تبدأ الأسئلة للرئيس باعتبارها عميدة المراسلين وهي التي تختم أي مؤتمر بعبارتها الشهيرة شكرا لك ياسيادة الرئيس وكانت كثيرا ما تحرج الرئيس بأسئلتها حتي أن بوش الابن الذي وصفته بأنه اسوأ رئيس امريكي ضاق بها ولم يكن يقبل اسئلتها .
ورغم أن اوباما كان يجلها وقدم الاحتفال بعيد ميلادها علي عيد ميلاده الا أنها لم تتحرج وفي أول مؤتمر صحفي له من احراجه بسؤالها وقد تكلم عن النشاط النووي لإيران ” لماذا تتحدث عن القنبلة الايرانية النووية ولاتتحدث عن دول اخري في المنطقة تملك اسلحة نووية – في اشارة إلي اسرائيل -“وقد اضطر الرئيس الامريكي الي استخدام كل اساليبه البهلوانية في الحديث ليفر من سؤالها وقد عاتبها علي سؤالها المحرج بعد ذلك .. لقد كانت تقول عنه ” اوباما صاحب ضمير حي ولكن بلا فاعلية “
لقد كانت واحدة من السيدات الخمس وعشرين الأكثر تأثيرا في العالم – هكذا صنفتها الصحيفة الامريكية world almance وحصلت علي اكثر من ثلاثين جائزة صحفية ودكتوراة فخرية ولذا اطلقوا عليها لقب ” سيدة البيت الأبيض الأولي ” .. وعلي مدار خمسين عاما كانت تحمل مبادئها وعقيدتها في مواجهة كل من جلس علي سدة الرئاسة ولاتبالي رغم ما تعرفه من مناقضة هذه المبادئ لما هو سائد في سياسة بلدها واعلامه وثقافته
قد تكون هيلينا قد ذهبت كمراسلة صحفية لا نظير لها في جرأتها وثباتها علي مبادئها وتحملها بشموخ لنتاج ما دافعت عنه من مواقف ولكنها بقيت في النفوس كأنموذج يحتذي في اقتحام المنكر دون خوف من العواقب وفي أن المبادئ لا وطن لها وان الحق لن يعدم ناصرا ولو في قلب معسكر الباطل
والمبادئ ايضا .. لاوطن لها
هل من تعليقات لديك بشأن فلسطين ؟ هكذا سأل الحاخام اليهودي إيلي كامير الذي يدير موقع الحاخام الحر اليهودي الصحفية المخضرمة هيلينا روبرتس – 90 عاما – في احتفال البيت الأبيض تحت عنوان ” التراث اليهودي الأمريكي “وهو يبتسم ابتسامة خبيثة .. أجابت هيلينا بتلقائية ” قل لهم يخرجوا من فلسطين يجب أن نتذكر أن هؤلاء الناس محتلون وأن فلسطين ليست ديارهم “.. عاد الرجل يسأل ” الي أين ترين أن يذهبوا ” قالت” ليعودوا إلي أوطانهم في المانيا وبولندا وامريكا “
لم تكن هذه هي المرة الأولي التي تتكلم فيها بجرأة في مواجهة الثوابت الأمريكية والإسرائيلية المهيمنة علي السياسة الأمريكية ولكنها هذه المرة كانت القاصمة .. فقد وجد خصومها من الصهاينة والمتصهينين في عبارتها الموجزة فرصتهم في القضاء علي خصم طالما تربصوا به ولم يستطيعوا أن ينالوا منه .. وسرعان ماانطلقت أجهزة الاعلام الجبارة تنهش في لحم الصحفية المخضرمة .. ولم يفلح اعتذارها ولا دفاعها الواهن في الوقوف في وجه الطوفان .. وكشر في وجهها كل من كان يبتسم .. وفر من حولها كل صديق وحبيب .. وفي النهاية استقالت هيلينا وتقاعدت وغادرت كرسيها كعميدة لمراسلي البيت الأبيض بعد أن ظلت قرابة الخمسين سنة تعمل هناك .
ولنبدأ القصة من اولها .. من هي هيلين هذه وما هي قصتها بالضبط .
في نهايات القرن التاسع عشر خرج ابوها من لبنان إلي أمريكا لايحمل الا دريهمات قليلة وكتاب للصلوات حيث استقر هناك .. وبعد سنوات وبالتحديد عام 1920 ولدت هيلينا حيث استطاعت بدأبها وهمتها أن تتخرج في الجامعة في اوائل العشرينيات من عمرها .. وهناك عملت في وكالة أنباء محلية قرابة العشرين سنة .. واثناء الإنتخابات الفيدرالية كلفت بمتابعة الحملة الانتخابية للرئيس الامريكي المرتقب جون كيندي في بلدتها ثم تم تعيينها مراسلة للوكالة في البيت الأبيض ظلت هيلينا علي مقعدها هذا كمراسلة في البيت الأبيض قرابة الخمسين سنة تعاقب فيها علي الرئاسة عشر رؤساء كانت فيها موضع تقدير الجميع .
حفظ الأرشيف الأمريكى لهيلينا مواقف كثيرة فيها الحق العربي وهاجمت السياسة الأمريكية منها مثلا قولها للرئيس الأمريكي بوش ” هل يفكر الرئيس في أن الفلسطينيين لديهم الحق في مقاومة 35 عاما من الاحتلال الوحشي ساندت والقمع “
ومنها قولها للرئيس الامريكي عند القصف الاسرائيلي للبنان ” الولايات المتحدة كان من الممكن أن توقف قصف لبنان من جانب اسرائيل .. لكنها بدلا من ذلك ايدت العقاب الجماعي ضد الجميع في لبنان وفلسطين “
بل إنها تحدت الدعاية الصهيونية في امريكا بقولها ” اشكر الله لقيام حزب الله بطرد اسرائيل من لبنان .. إن اسرائيل هي السبب في 99 في المائة من كل هذا الارهاب . ” بل إنها لم تتورع عن تشبيه المتظاهرين الذين يقاومون الاحتلال المستبد الذي تمارسه اسرائيل باولئك الذين قاوموا الاحتلال النازي .
كان آخر مواقفها ما واجهت به رئيس امريكا حول حادث مجزرة اسطول الحرية الاخير ” إنه موقف يرثي له ماذا تعني بقولك إنك تأسف لما كان من الواجب ادانته بشدة وصرامة أكثر وأي علاقة متينة لنا مع دولة تتعمد قتل الناس وتحاصر أي نجدة لهم وتحاصرهم .. إن الاسف لايعيد الحياة لمن قتلوا . “
كانت من علي كرسيها في الصف الاول هي التي تبدأ الأسئلة للرئيس باعتبارها عميدة المراسلين وهي التي تختم أي مؤتمر بعبارتها الشهيرة شكرا لك ياسيادة الرئيس وكانت كثيرا ما تحرج الرئيس بأسئلتها حتي أن بوش الابن الذي وصفته بأنه اسوأ رئيس امريكي ضاق بها ولم يكن يقبل اسئلتها .
ورغم أن اوباما كان يجلها وقدم الاحتفال بعيد ميلادها علي عيد ميلاده الا أنها لم تتحرج وفي أول مؤتمر صحفي له من احراجه بسؤالها وقد تكلم عن النشاط النووي لإيران ” لماذا تتحدث عن القنبلة الايرانية النووية ولاتتحدث عن دول اخري في المنطقة تملك اسلحة نووية – في اشارة إلي اسرائيل -“وقد اضطر الرئيس الامريكي الي استخدام كل اساليبه البهلوانية في الحديث ليفر من سؤالها وقد عاتبها علي سؤالها المحرج بعد ذلك .. لقد كانت تقول عنه ” اوباما صاحب ضمير حي ولكن بلا فاعلية “
لقد كانت واحدة من السيدات الخمس وعشرين الأكثر تأثيرا في العالم – هكذا صنفتها الصحيفة الامريكية world almance وحصلت علي اكثر من ثلاثين جائزة صحفية ودكتوراة فخرية ولذا اطلقوا عليها لقب ” سيدة البيت الأبيض الأولي ” .. وعلي مدار خمسين عاما كانت تحمل مبادئها وعقيدتها في مواجهة كل من جلس علي سدة الرئاسة ولاتبالي رغم ما تعرفه من مناقضة هذه المبادئ لما هو سائد في سياسة بلدها واعلامه وثقافته
قد تكون هيلينا قد ذهبت كمراسلة صحفية لا نظير لها في جرأتها وثباتها علي مبادئها وتحملها بشموخ لنتاج ما دافعت عنه من مواقف ولكنها بقيت في النفوس كأنموذج يحتذي في اقتحام المنكر دون خوف من العواقب وفي أن المبادئ لا وطن لها وان الحق لن يعدم ناصرا ولو في قلب معسكر الباطل