ومن أعظم من السوريين أجراً
بقلم: محمد مصطفى المقرئ
فإنهم ــ في هذه العشر ــ قد حققوا رقماً قياسياً ، يتجاوز وحدة القياس القصوى ، أعني تلك التي جعلها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقصى ما يبلغه امرؤ من الثواب في أوائل ذي الحجة.
فمن حديث ابن عباس؛ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ” ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر “. قالوا: يا رسول اللهِ ؛ ولا الجهاد في سبيل الله قال : ” ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ” (1).
وهؤلاء السوريون الأبطال خرجوا بأنفسهم وأموالهم (فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ) [الأحزاب : 23] ، ولم يرجعوا من ذلك بشيء.
حتى نساؤهم وأطفالهم وشيوخهم ؛ خرجوا مهاجرين فارين بدينهم ، أخرجهم الظالم من ديارهم وأموالهم ، فصاروا بين قتيل وجريح ومشرد ، ومكلوم في عرضه (يا ويلنا).. اللهم فاحمل ضعيفهم ، واجبر كسرهم ، وداو جرحاهم ، واشف مرضاهم ، وآوهم ، وارزقهم ، واسترهم ، وصن أعراضهم ، واكفل أيتامهم ، وأطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف ، وتقبل شهداءهم ، وأيد جندهم ، وانصرهم على عدوك وعدوهم.. اللهم آمين ، آمين ، آمين.
فمن ذا يبلغ من الثواب ما بلغوا في هذه العشر ، وقد بذلوا من طاعة الله تعالى خير ما يبذل ، وأقصى ما يبتغى ، وأتوا ما لو جمع أحدنا الصالحات كلها ـ في هذه العشر ـ ما بلغ شطر ما بلغوا ، إلا أن يعمل مثل ما عملوا ، فيخرج بنفسه وماله ؛ فلا يرجع من ذلك بشيء ، لأنهم يشاركوننا في مثل ما نحن فيه من طاعة ، ويزيدون علينا بما اختارهم الله تعالى له ، واختبرهم به ، وقيضهم لإحيائه ، فقد اصطفاهم لرفع راية الحق في الأرض المباركة ـ كما وصفها القرآن في غير موضع منه ـ ، وفي حديث أبي أمامة الباهلي ؛ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ” صفوة الله من أرضه الشام ، و فيها صفوته من خلقه و عباده ، و ليدخلن الجنة من أمتي ثلة لا حساب عليهم و لا عذاب ” (2).
وهي أرض الملحمة ، وميدان الفتح الكبير.. فمن حديث أبي الدرداء ؛ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ” إن فسطاط المسلمين ، يوم الملحمة ، بًالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها : دمشق ، من خير مدائن الشام ” (3).
فبشراكم أهل سوريا.. بشراكم… الفجر غداً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) “سنن أبي داود” : (2438)، و”سنن الترمذي” : (757)، وصححه الألباني “صحيح الترمذي” : (757).
(2) السيوطي “الجامع الصغير” ، وصححه الألباني “صحيح الجامع” : (3765).
(3) “سنن أبي داود” : (4298)، وصححه الألباني “تخريج مشكاة المصابيح” : (6234).