[ البرهان الثالث ]
قال تعالي {شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين} (1)
أما الدين , وشعائر عبادته وشريعة حاكمه أمر الله تعالي
الدين فقد لزم بالضرورة أقامة حاكميته في الأرض وتمكين سلطانه ولأنه لا يقوم إلا علي ذلك والله تعالي قد أمرنا {أن أقيموا الدين} .
نفهم من ذلك أنه إذا حال حائل بين المسلمين وبين أقامة الدين , سلطان أو قوة حكم , أو رجل أو دوله , فهم مكلفون بتحطيم هذا الحائل ودفعه متى أمكنهم ذلك وإلا فهم غير قائمين بتكليف الله لهم {أن أقيموا الدين} .
إن أقامة الدين لا تعني الصلاة فقط , بل تعني أقامة قانون الله وشرعته كذلك فإن رفض وألقي به خلف الظهور واختير فانون غيره ” القانون الوضعي ” فهذا لا يعني سوي رفض دين الله تعالي (2)
والإسلام ليس مجرد عقيدة حتى يقنع بإبلاغ عقيدته للناس بوسيلة البيان إنما هو منهج يتمثل في تجمع تنظيمي حركي يزحف لتحرير كل الناس والتجمعات الأخرى لا تمكنه من تنظيم حياة رعاياها وفق منهجه هو ومن ثم يتحتم علي الإسلام أن يزيل هذه الأنظمة , بوصفها معوقات للتحرير العام وهذا معني أن{يكون الدين كله لله}(3)
(7)
[ البرهان الرابع ]
قال تعالي { وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين }(4) والعلو الذي شرطه الله للإيمان هنا مطلق لا يقيده مقيد,ولو كان مقيدا بجانب دون جانب ليبين الله تعالي ذلك لنا .
فإن ذلك كذلك من هذه الآية علي وجوب إعلاء سلطان المسلمين
الممثل وشريعته علي كل سلطان دونه لتحقيق مطلق الأمر بالاستعلاء ولأن الوجوب هنا في الآية لازم , لتعلق الإيمان به{إن كنتم مؤمنين} .
وهذا التعليق مفيد للفرضية باتفاق .
وفي ذلك أيضا قول الله تعالي {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} (5)
وعزة الله ورسوله وجنده , لا تكون إلا بإعلاء دينه وإقامة حاكميه شرعيته ورفع سلطانه ,علي كل من دونه , ومن المعلوم في لغة العرب أن تقديم السند علي المسند إليه يفيد الحق والقصر , فلا عزة في الأرض إلا لله ورسوله وكتابه وحزبه .
[ البرهان الخامس ]
قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم – ” من قاتل لتكون كلمة الله أعلي فهو في سبيل الله ” (6)
وهذا بيان من النبي- صلي الله عليه وسلم- لقاعدة عامة في حركة المسلمين وهو أن القتال في الإسلام إنما لإعلاء كلمات الله , وكل حال من حالات القتال المشروعة في الإسلام فهي راجعه إلي هذه القاعدة الجليلة
فهذا الحديث الشريف , نص في وجوب العمل لإعلاء كلمات الله ودينه وذلك لأن الله تعالي يقول {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين} (7) وقد بين الحديث إن إعلاء كلمات الله هو سبيل الله , فيثبت يقينا من ذلك وجوب الجهاد لإعلاء كلمات الله , وايم الله .
فإننا لا نري إسفالا لكلمات الله , وإذلالا لدينه من رفع شرائع الكافرين فوق شريعته , وجعل السلطان والهيمنة لها عليها ولا حول ولا قوة إلا بالله
- الشورى / 13
- المودودى “الحكومة الإسلامية” / 60
- سيد قطب ” معالم في الطريق ” /90
- آل عمران / 39
- المنافقون / 8
- متفق عليه من حديث أبي موسي الأشعري
- النساء / 84