بقلم / الشيحخ طلعت فؤاد قاسم
تمهيد
مقصد الرسالة:
وفيه بيان القواعد التي تضبط من يتعرض للحُكم على من وقع في الموالاة الممنوعة, والأدلة على ذلك.
تعريف الموالاة:
الموالاة في اللغة مصدر والىَ يوالي موالاةً ووِلاءً ، من الوَلْي بسكون اللام وهو القُرب والدُّنُو كما قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط ، قال : ( والموالاة ضد المعاداة ) وفي المعجم الوجيز : والىَ فلاناً : أَحبَّه ونصره ،والولاء القرابة والنصرة والمحبة .
وهو في الاصطلاح لا يخرج عن هذا المعنى اللغوي ، وهو المحبَّة والقُرب والنصرة ،ولذا قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( يأ أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) قال : يعني المشركين والكفار الذين هم محاربون لله ورسوله وللمؤمنين ، الذين شرع الله عداوتهم ومصارمتهم ونهى أن يُتخذوا أولياء وأصدقاء وأخلاء )
، وتظهر الموالاة في صور متعددة: كالنصرة, والتحالف, والإعانة, والمحبة للكافرين, وكشف عورات المسلمين لهم… إلى غير ذلك ].
وهي على ضربين:
الضرب الأول: موالاة الكفار تنقسم إلى قسمين:
أولًا: موالاة باطنة: وهي الميل القلبي إلى الكفار، حبًا في عقيدتهم ورغبة في نصرتهم على المسلمين، كفعل المنافقين مع اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا النوع يخرج صاحبه من ملة الإسلام، إذ أن من الطبيعي أن من يحب الكفر على الإيمان لا يكون من أهل الإيمان.
والأدلة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ) المائدة:51.
وقوله تعالى (أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) الحشر:11.
ثانيًا: موالاة ظاهرة: وهي نصرة الكفار أو مساندتهم لأمر أو مصلحة دنيوية مع استقرار الإيمان في القلب، ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، كفعل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله تعالى عنه مع المشركين قبل فتح مكة كما سيأتي آنفًا.. وهذا النوع لا يخرج صاحبه من الملة وإنما يعد ذلك معصية وكبيرة من الكبائر وذلك لأنه لا ينقض الإيمان وإنما ينقصه.
وهذه الموالاة الظاهرية ممنوعة, وهي معصية وحرام, وقد تكون في بعض الحالات كفرًا, ويكفر صاحبها بعد تحقيق شروط وانتفاء موانع, وفي ظروف معينة قد تكون جائزة بل أحيانًا واجبة, إذن فحكمها مرتبط بحسب كل صورة وحالة,
وينضبط ذلك بقواعد يمكن حصرها في قاعدتين أساسيتين:
القواعد الضابطة للحكم بالتكفير بالموالاة:
القاعدة الأولى: وجوب النظر في حال المُوالِي والمُوالَىَ.
القاعدة الثانية: وجوب النظر في فعل الموالاة نفسه, هل هو موالاة بالظاهر فقط مع سلامة القلب والعقد؟ أم موالاة بالظاهر والباطن معا؟