((مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)) سورة الأحزاب الآية 23 ..
منذ نعومة أظافره عرفته المنابر وعرفته السجون ..
عرفته ساحات الدعوة وعرفته مواطن الحسبة ..
لله دره كان ، فارسا مغوارا ، حافظا لكتاب الله ، عالما ربانيا ، شاعرا ، عالما بالنحو والصرف والفقه ، خطيبا لا يشق له غبار ، كم اهتزت من تحته المنابر ، وكم اهتزت من تحته المنصات في المؤتمرات الدعوية والعلمية ..
لم تلن له قناة ، ولم يكن سهلا على أعدائه أن يعصروه أو يكسروه ..
هذا هو عزت السلاموني أحد علماء الجماعة الإسلامية ودعاتها المخلصين نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا ..
بدأ مشواره في الالتزام بالجماعة الإسلامية في سن مبكرة ، وفي تاريخ مبكر من حياة الجماعة الحافل بالدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله عز وجل ..
ظل في سجون الطغاة المستبدين في عصر حسني مبارك أغلب فترات هذا النظام الكئيب الذي جثم على صدر مصر طويلا طويلا ، ومضت الأيام في عصره بطيئة متثاقلة ، حتى إذا انتفض الشعب المصري الأبي في مواجهة ذلك الطاغية ، كان السلاموني من أوائل الذين شاركوا في ثورة الشعب المصري وشبابه ..
وبعد أن قدر الله تعالى إزاحة طاغية مصر عن سدة الحكم ، ونجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير ، كانت له اسهاماته في الدعوة والاسهامات الأدبية العامة والعمل السياسي داخل الجماعة وخارجها ، والعمل الشعبي بشكل عام ولم يغادر ميادين مصر ناصحا وموجها ومحفزا على الرغم من كثرة مشاغله واهتماماته ..
وبعد الانقلاب الإجرامي ، لم يجلس السلاموني في بيته ولم يتوارى كما توارى غيره ، ولم يداهن أو يتخاذل ، ولم يكن غرا يخادعه كل مخادع ، ولكنه انطلق مرة أخرى إلى ميادين مصر المختلفة معلما ومحذرا عواقب الظلم والفساد والإفساد فكان أن ابتلعته السجون المصرية مرة أخرى ، على يد جلادي هذا النظام العسكري البوليسي الغاشم ..
وذهب رحمه الله صابرا محتسبا مرة أخرى إلى غياهب السجون والزنازين ..أماكن قد عرفها كثيرا وطويلا مرارا مرارا ..
وكأن الله أراد له الخير في الدنيا والآخرة ..
وكأن الله أبى أن يعيش هذا الجبل الأشم لحظات الانكسار ، التي عاشها الشعب المصري كله ..
وكأن الله عز وجل أبى إلا أن يختم له بخاتمة السعادة لترتفع روحه الطاهرة إلى ربها شاكية ظلم هذه الطغمة الحاكمة ، ويتركونه مريضا دون أي اسعافات وهو الذي ناهز الستين من عمره ..
هنيئا لك أخي الكريم شهادة في سبيله نحسبك والله حسيبك أهلا لها ..
فأبشر بالذي يسرك ..
ستطارهم دماؤك ولو تعلقوا بأستار الكعبة ..
ستلاحقهم كلماتك ..
ستحاصرهم مواقفك الأبية ..
ستتحول كلماتك الهادرة إلى ثورة عارمة مرة أخرى ..
أسأل الله عز وجل أن يسكنك فسيح جناته ..
وان يلحقنا بك وهو راض عنا غير مبدلين ولا متخاذلين ..
إنه ولي ذلك والقادر عليه ..
رفاعي طه