القائمة إغلاق

الجماعة الإسلامية وقوائم الإرهاب


إدراج الجماعة الإسلامية تحت مظلة كيانات الإرهابية جاء مفاجئا لمن يتابع المشهد السياسي المصري.

حيث إنه من المستقر في أبسط مفاهيم السياسة وما يقضي به العقل والمنطق في ممارسة السلطة ألا نتوسع في الأعداء بل ومن المفروض على السلطة أن تضيق دائرة العداوات وتحصرها فيما ينطبق عليه وصف العداوة.

وحتى لا نذهب بعيدا فإني في هذه الكلمات أحيل وصم الجماعة الإسلامية بالإرهاب إلى معنى الإرهاب نفسه كما صوره القانون ولننظر بعد ذلك هل إدراج الجماعة الإسلامية في الكيانات الإرهابية جاء موافقا لمعنى الإرهاب كما أثبته القانون.

وساعتها نقرر هل من المصلحة السياسية والأمنية للوطن تصنيف الجماعة الإسلامية من ضمن الكيانات الإرهابية حيث تنص المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب على أنه :-

“يقصد بالعمل الإرهابي كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحة أو أمنه للخطر أو إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو الخاصة أو أمنهم للخطر أو غيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالموارد الطبيعية أو بالآثار أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية في مصر من القيام بعملها أو ممارستها لكل أو بعض أوجه نشاطها أو مقاومتها أو تعطيل تطبيق أي من أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح.”

فماذا اقترفت الجماعة الإسلامية من معنى الإرهاب ومظاهره التي صدرها القانون حتى توصف بالإرهاب وتدرج على قوائم الكيانات الإرهابية .
– ألم تودع الجماعة الإسلامية العنف منذ عام 1998 بعد مبادرتها الشهيرة لمنع العنف فكرا وسلوكا.

– ألم تغير الجماعة الإسلامية فكرها القديم تغيرا شاملا وقامت بحل جناحها العسكري.

– ألم يقم أبناء الجماعة الإسلامية بحماية مقرات الأمن والكنائس أثناء ثورة 25 يناير وفي حالات الانفلات الأمني التي أعقبت الثورة آنذاك.

– ألم تتصدى الجماعة الإسلامية لمحاربة الفكر المتطرف الداعشي وجماعات التكفير. وقد ألفت في هذا الشأن الكثير من الكتب والدراسات كحرمة التطرف والغلو في الدين وحرمة تكفير المجتمع ولا للتكفير ولا للتفجير.

– ألم تحافظ الجماعة الإسلامية على السلام الاجتماعي ومنع الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط بالمؤتمر الشهير وطن واحد وعيش مشترك وتدخلت لحل كثير من النزاعات بين المسلمين والأقباط وأحيانا بين الأقباط أنفسهم وذلك بشهادة كثير من الأقباط وكل ذلك موثق بالصوت والصورة.

– ألم تعتمد الجماعة الإسلامية كثيرا من الفتاوى والأحكام المتعلقة بحرمة قتل المدنيين السياح وحرمة الدماء عموما وحرمة القتل على الهوية والاعتداء على المخالف في الفكر فضلا عن المخالف في الاعتقاد.

– ألم تسارع الجماعة الإسلامية بإدانة كل أعمال العنف والإرهاب التي قامت بها داعش و غيرها وأصدرت في ذلك بيانات وكتبا لدحض أفكار العنف والتطرف.

– ألم تحرم الجماعة الإسلامية الاعتداء على المال العام والمرافق العامة واستهداف البنية التحتية ومؤسسات الدولة.

والكثير مما قامت به الجماعة الإسلامية للحفاظ على مصلحة الدين ومصلحة الوطن والمواطنين.

هل جماعة هذا شأنها وهذا منهجها وسلوكها توصف بالإرهاب.

– ألم يكن حريا بالسلطة السياسية والأمنية تحييد الجماعة الإسلامية بفكرها المعتدل الذي ينبذ الإرهاب ويتصدى له حتى لو كانت في خانة المعارضة. بدلا من توسيع الجبهة بإضافة الجماعة الإسلامية إلى الكيانات الإرهابية.
– ألم يكن حريا بالسلطة أن تفتح صدرها للجماعة الإسلامية وأمثالها من أصحاب الفكر المعتدل وتوسع لهم بالقدر المتاح والممكن حتى لو كان بسقف منخفض لا أن توصد الأبواب في وجوه الآلاف من أبناء هذا الوطن وتغري غيرهم بالتخلي عن الاعتدال والوسطية.

أسئلة تحتاج إلى جواب من يقدر المصالح العليا للوطن ليطرح السبل الكفيلة بالاستفادة من خبرة الجماعة الإسلامية في عدولها عن العنف خلال مراجعات نقدية شاملة شهد الجميع بشرعيتها وصحتها بل وأصبحت نموذجا يحتذى في كثير من البلدان العربية والإسلامية.

وختاما .. فإن من المفارقات العجيبة أن الجماعة الإسلامية احتفلت منذ شهور قليلة بمرور ٢٠ عام على مبادرة وقف العنف ليس للذكرى التاريخية ولكن لتحيي مبادئها وأحكامها في نفوس أبنائها وتعلن أنها مازالت متمسكة بها.

التعليقات

موضوعات ذات صلة