أعادت مجلة “الأزهر” نشر كتاب “مرآة الإسلام” للدكتور طه حسين في عدد صفر 1440، أكتوبر 2018 بتقديم ودراسة د. محمد عمارة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر .
وفي تقد يمه يبدأ الدكتور محمد عمارة بإثبات أن المراجعات الفكرية في تاريخ الفكر الانساني حقيقة بارزة ويستدل على ذلك بأمثلة كثيرة مثل: ـ سحرة فرعون قد راجعوا إيمانهم بألوهية فرعون وآمنوا برب موسى وهارون عليهما السلام
ـ والحواريون اراجعوا مقولات الكهنة فآمنوا بالمسيح ونصروه
ـ والوثنيون العرب هم الذين حملوا رايات التوحيد بعد أن حاربوه مدة
وأبو الحسن الأشعري كان معتزليا ثم راجع الأصول الخمسة للاعتزال
وفي جيل طه حسين راجعت كوكبة من كبار المفكرين مذهب التغريب والعلمانية والفرعونية وأصبحوا أعلاما وطلائع لليقظة الاسلامية والإحياء الحضاري للأمة وذكر الدكتور عمارة بعض الأسماء ثم قال :
وفيما يتعلق بالدكتور “طه حسين” فلقد أفردنا لإيابه الفكري من التغريب الى الإسلام كتابنا”طه حسين من الانبهار بالغرب الى الانتصار للاسلام “وفيه تتبعنا تفاصيل رحلته المتعرجة والشاقة والطويلة والعريضة والعميقة التي انتهت به الى اعلان الإياب الروحي الى الاسلام في رحلته الحجازية سنة 1955 م عندما تحدث في الحرم المكي عن هذه الرحلة فوصفها بأنها (تلبية لدعوة آمرة من خارج النفس عادت فيها النفس الغريبة الى وطنها بعد غربة غريبة طويلة جدا وهي مدركة لما بين الله وبينها من حساب عسير وراجية من الله أن يجعل من عسره يسرا )
ثم ضرب د عمارة أمثلة مما جاء في الكتاب من نقض لما سبق أن ذكره طه حسين (في الشعر الجاهلي ) وبدأ بمثال كلامه عن سيدنا ابراهيم عليه السلام فهو (طه حسين ) يقول : فإبراهيم إذن هو الذي سمى المؤمنين مسلمين وهو أبوهم وقد كان مسلما . ففي كتاب (في الشعر الجاهلي ) كان طه حسين يعتبر هذه العقائد ألوانا من الحيل والأساطير)
يقول د. عمارة في تقديمه: ولقد تحدث د. طه حسين قبيل وفاته الى د. غالي شكري، فقال :إن البلد لا يزال متخلفا وفقيرا ومريضا وجاهلا.. نسبة الأمية كما هي، ونسبة المثقفين تتناقص بسرعة تدعو للانزعاج، يخيل اليّ أن ما كافحنا من أجله هو نفسه لا زال يحتاج الى كفاحكم وكفاح الأجيال المقبلة بعدكم.. أودعكم بكثير من الألم وقليل من الأمل!”.
وتابع د. عمارة :يكشف طه حسين عن ألوان من إعجاز النظم القرآني، لعله لم يسبق اليها، وفيه رفض قاطع للغزو العقلاني الذي طغى على فكره في مرحلة الانبهار بالغرب ومناهج الشك الغربية .
وهو في هذا الكتاب يكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة الثمانين مرة ” .
” ولقد توفي طه حسين ومصر مشغولة بأحداث حرب أكتوبر سنة 1973 ، توفي أول شوال يوم عيد الفطر سنة 1393 هـ / 28 أكتوبر سنة 1973 مـ ، ودفن في القبر الذي أوصى أن يحفر عليه هذا الدعاء النبوي الذي كان أثيرا الى قلبه ، قريبا من لسانه :
” اللهم لك الحمد ، أنت نور السموات والأرض وما فيهن ، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض وما فيهن ، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهنّ.. أنت الحق ووعدك الحق والجنة حق والنار حق والنبيون حق والساعة حق ، اللهم لك أسلمت وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت واليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت .. أنت إلهي لا إله إلا أنت ” .