القائمة إغلاق

عبير الحجاز

 
شعر/ سلطان إبراهيم
**
أرض الحجاز وموطن الأعلام ** من مهجتي أهدى إليك سلامي
فلتنعمي ولتسلمي يا قبلتي ** تفديك روحي قبل حد حسامي
سأظل مشغوفاً بحبك أرتجى ** وصلا وأهفو نحو نيل مرامي
نبضات قلبي في هتاف دائم ** يا منبع التوحيد أنت غرامي
كم في رحابك عبرة يا قبلتي ** تجلو جيوش الهم واللآلام
في الذكريات الطيبات لدعوة ** ستظل خالدة مدى الأيام
فهنا أنباء النور قدسي السنا ** فسرى يبدد قسوة الإظلام
وتشرفت هذى البقاع بموعد ** جمع الملاك بأطهر الأنسام
والكون هلل فرحة وتضوعت ** مسكا ربوعك من شذى الإسلام
يا أرض أحمد والصحابة فاخرى ** فلأنت قلب العالم المترامى
ولأنت شمس قد طوى ديجوره ** وأزحت غيم الباطل الهدام
فلكم حويت مأثراً لا تنتهي ** وتفوق حد النقط والإعجام
وحباك ربي كل مكرمة تُرى ** وكُسيت ثوب العز والإكرام
وقف الحبيب هنا لينشر دعوة ** والناس يا للهول كالأغنام
ولكل خير جاء يحدو ركبهم ** ويقيلهم من عثرة الأقدام
ويظل يهتف بالهدى ليغيثهم ** ويرد ضال الروح والأفهام
حتام يمضي العقل في ظلماته ** حتام نحني الرأس للأصنام
أو ليس أجدر أن نسلم قلبنا ** لله رب العرش ذي الإنعام
فدعوا شريعة غابكم وتنسموا ** عطر الهداية من عبير كلامي
وهلم نحيا لا تظالم بيننا ** بالعدل نرقى فوق كل سنام
أبت القلوب الغلف دعوة رائد ** يحنو على الأخوال والأعمام
لمكارم الأخلاق جاء متمماً ** ومقوياً لوشائج الأجذام
رغم الدلائل بينات كالضحى ** مع معجزات الآى والأحكام
طمست بصائرهم فعادوا نهجه ** وغدوا كمثل سوائم الأنعام
عدلوا عن الحق الصراح تكبرا ** عمدوا إلى الإغواء والإعتام
قست القلوب كأنما هى جلمد ** والكفر يطبع أقبح الأختام
وقف الطغاة الحاقدون بوجهه ** وتنافسوا في الصد والإجرام
والأمر بُيت في ظلام حالكٍ ** واستنفروا جمعا من الأخصام
نسجوا الأكاذيب الخبيثة حوله ** قالوا لكل وسائل الإعلام
لا تسمعوا لمحمد بل واحذروا ** دوما بلوغ القول للأحلام
يا قومنا هو شاعر هو ساحر ** ومقطع الأوصال والأرحام
تبالكم يا ويحكم فلتخسئوا ** أنسيتم خلق الامين السامي
ولكم أردتم فتنة لكنما ** طاشت سهام الكفر خاب الرامي
وإذا بنور الله يسطع باهراً ** فغدا يضيئ جوانح الهيام
ببشاشة الإيمان خالط صفوةً ** هم أنجب الأعراب والأعجام
فسموا إلى العلياء خلف محمدٍ ** نهضوا فصاروا خيرة الأقوام
لكن نار الكفر شب أوراها ** وبها تلظى قلب أهل الذام
ثارت خفافيش الدجى مهتاجة ** لتصد نور الدعوة المتنامي
لا بالدليل فقد سمت حجج الهدى ** تعلوهمو في غاية الإفحام
فإذا بهم من غيظهم قد أصبحوا ** يا ويحهم في غضبة الأجيام
خلعوا الحياء عن الوجوه وكشروا ** أنيابهم في خسة الرمام
داسوا المبادئ دنسوها وأججوا ** حمم اللظى في غاية الإضرام
قالوا العذاب جزاء كل مصدق ** والحر موئله إلى الإعدام
يا أيها الجهال فلتفننوا ** بوقاحة في البطش والإيلام
لا لن تهزوا بالبلاء ثبات من ** أركانهم أقوى من الأهرام
لن تطفئوا بالنفخ ضوء شموسهم ** فكفاكم سعيا إلى الأوهام
يأبى الأباه الصامدون هوادة ** فهم النسور بقمة الآكام
تحكي الرمال الحارقات وهولها ** قصص البطولة غاية الإحكام
أبلال أذن سوف يسمع صوتكم ** وسينصت التاريخ للأنغام
أحد تغيظ الكافرين بقولها ** لا ترتضي بالذل والإرغام
خباب صبرا في الشدائد والأذى ** ما أنت أهل النكص والإحجام
بشراكو يا آل ياسر في غد ** فالوعد دار الخلد والإنعام
وعد الصدوق وفي الكتاب مؤكد ** من ذي الجلال بأعظم الأقسام
لا لن يضيع ثواب أعمال الأولى ** دوما بمولاهم ذوي أستعصام
إن البلاء مع اليقين قرينه ** كاللام للتنوين في إدغام
أربوع مكة علمينا واشرحي ** درسا يدوم على مدى الأعوام
كيف الثبات يدك أوصال العدا ** كيف الجهاد يعزكم أقوامي
سيف الشموخ به سيصبح من طغى ** متصاغرا في خسة الأقزام
يا قبلتي فلتوقظينا واشعلي ** آلاف ثورات على الظلام
ما زالت الأحداث تطحن صحبة ** حتى أتي الأنصار بالإدعام
شدوا على أيدي النبي المصطفى ** عقدوا عقودا غاية الإبرام
في ظلمة الليل البهيم وفي منى ** جمعت وفود البذل والإقدام
في بيعة حفظ الزمان بنودها ** لتظل تفقأ أعين المتعامى
أصحابها متيقظون وغيرهم ** يا ويحهم في سكرة النوام
قد أسلموا المختار خير أزمة ** والروح مهر البر والإلزام
قالوا رضينا بالجنان وجمعنا ** عند النزال بهمة الضرغام
لا لن نقيل ونستقيل ولن نرى ** يوما نخاف ملامة اللوام
قم يا حبيب الله هذى دارنا ** عن منهج الحق المبين تحامى
حصن مهيب ملؤه جند الهدى ** كالأسد تقطن غيضة الآجام
فمضى الحبيب مهاجرا ورفيقه ** من فرط حب أخلص الخدام
وبأرض طيبة قد أناخ رحاله ** فاستقبلوه بوافر الإعظام
كادت قلوبهم تطير سعادة ** وسموا على الجوزاء والأجرام
فغدت ديارهمو لكل مهاجر ** دار الأمان وموئل الإطعام
وإذا الشيوخ مع الشبيبة والنسا ** للمصطفى هم أقرب الأحشام
بذلوا النفوس رخيصة في حبه ** وتحملوا عبء الجهاد الدامي
في كل غزو يحرسون ركابه ** بالسيف والأرواح والأجسام
صانوا العهود جميعها حتى غدوا ** مثل الوفاء وقمة الإتمام
أكرم بأصحاب النبي أئمة ** في مصر يسري ذكرهم والشام
أهل الفضائل والسوابق كم لهم ** في نشر ديني أروع الإسهام
لست الموفى بالمديح فبذلهم ** يسمو على القرطاس والأقلام
فلئن وصفت خصالهم فكأنما ** في البحر أسبح لست بالعوام
أرض الحجاز لقد أهجت مشاعري ** والحب يزكي دافع الإلهام
قد جئت التمس الدواء وارتجى ** للروح ترياقا من الأسقام
أجلوا الغموم منفسا عن كربتي ** فأريج مجدك أطيب الأنسام
ومع الحجيج وفي مناسك رحلتي ** يسمو جناني فوق كل حطام
فأطوف بيت الله ألتمس الهدى ** متجردا بملابس الإحرام
مستقبلا للركن ألثم موطنا ** في البيت سنة قائدي وإمامي
أسعى إلى المسعى وأذكر ساعة ** كانت لهاجر غاية الأوزام
وعلى ربا الجبل الكريم مدامعي ** تحكي رجوعا عن خطى الآثام
أدعو إله العالمين بلهفة** فعساه يمحو صفحة الإجرام
يا من سحائب جوده تسع الورى **مولاي أحسن بالجواب مقامي
فإليك أشكو ما يحرق مهجتي** دوما ويقلق راحتي ومنامي
يا رب أمة مصطفاك لقدغدت **من بؤسها في ضيعة الأيتام
وتشرذمت يالهف نفسي رغم ما **تحوي من الأعداد والأرقام
مُر الخطوب بساحها وتلفها** سحب الأسى بالذل والإرغام
وغدا بنوها للذئاب فريسة **والقدس صار بقبضة الحاخام
سالت دماء المسلمين رخيصة** تحت القنابل في لظي الألغام
فتشاغلوا عن همها بتناحر** فأطل ليل بالغ الإدهام
فارحم إلاهي ما ما بدا من ضعفها** واهد القلوب لوحدة ووئام
يارب قيض من يقود جموعنا **خلف الرسول القائد المقدام
وارفع لوانا في الدنا ليصونه** نور الكتاب وقوة الصمصام
ليشق أسجاف الظلام جميعها **صبح الفلاح بوجهه البسام
التعليقات

موضوعات ذات صلة