محمد فايد عثمان
____________
قَالَتْ : دُعِيْـتَ إِلَى الوَفَـاءِ فَلَبِّ
وَاظْفَــرْ بِمَوْفــورِ الثَّنَـا فِي أَوْبِ
…
لَسْـتَ الَّذِي إِنْ قِيْلَ هَيَّـا نَاكِصًا
فَاحْـذَرْ فَدَيْتُـكَ أَنْ تَبُـوءَ بِذَنْـبِ
…
وَانْثُـرْ مِـنَ الأَطْيَـابِ مَـا حُمِّلْتَـهُ
وَانْظِمْ بَدَائِعَ مِنْ شَذَاكَ العَذْبِ
…
وَاسْـكُبْ نَدِيَّ الشِّعْرِ فِي آذَانِهِمْ
وَاصْـدَحْ بِألحَـانِ الوَفِيِّ الصَّـبِّ
…
خَلَّيْـتُ طَبْـعًا فِي النِّسَـاءُ وَغَيْرَةً
وَلَو امْتَدَحْـتَ رَهِيْنَـةً فِي التُّـرْبِ
…
بَارَكْتُ سَعْيَكَ لا أغَـارُ وَكَيْفَ لِي
وَمَـنْ انْتَدَبْتُكَ تَرْثِهَـا فِي قَلـبِي ؟
…
فَاكْتُـبْ لَهَـا الأشْـعَارَ إِنِّي هَهُـنَا
وَأَرَاكَ تَصْـدُقُ فِي الوَفَـاءِ بِحُـبِّي
…
شَـهْرٌ مَضَى مُذْ فَارَقَتْنَـا ( حُـرَّةٌ )
كَانَـتْ دَلِـيْلًا … صَـادِقًـا لِلْرَّكْـبِ
…
شَـهْرٌ كَأنَّ طَـرِيْقَـهُ فِـي أضْـلُعِي
شُقَّتْ بِـ (قَدُّومِ) الفِرَاقِ الصَّعْبِ
…
أَقْتَاتُ مِنْ أَلَـمِ الفِـرَاقِ مَوَاجِعًـا
لَا أَسْـتَقِرُّ عَلَى الفِـرَاشِ بِجَنْـبِي !
…
فَاسْتَنْبِئُوا هَمًّـا يسَافِـرُ فِي دَمِي
كَيْفَ اسْتَدَلَّ عَلَى مَسَالِكِ دَرْبِي؟
…
كَـمْ نَالَـنِي فِي إثْرِهَــا مِنْ كُرْبَـةٍ
وَالحُـزْنُ فِي جَنْبَىَّ يَحْـرِقُ ثَوبِي
…
قُلتُ : اسَتَعِينِي بالَّتِي مَا مِثْلُهَا
(يا رَبُّ) مَا خَـابَ الرَّجَـاءُ بِرَبِّي
…
( عَبُّودُ ) مَاذَا فِيْكُمَا مِنْ حَالَـةٍ
يَرْوِي عَجَائِبَهَـا النَّعِيُّ وَيُنْـبِي ؟
…
كَيْفَ اسْتَمَرَّتْ فِي جَدَارِكَ كُوَّةً
مِنْهَـا تَرَى الدُّنْيَـا بِقَاعِ الجُـبِّ؟
…
وَتَبُـثُّ مِنْهَــا مَـا تَشَـاءُ رَسَـائِـلًا
مَلَأتْ صَحَائِفُهَـا بَيَـاضَ الكُتْـبِ
…
فَكَأَنَّهَـا اسْتَنَّتْ بِنَهْجِ (خَدِيْجَةٍ)
فِيمَا تُلَاقِي مِنْ حِصَـارِ الشِّـعْبِ
…
تَسْـعَى إليْـكَ كَأخْتِهَــا فِي عِـزَّةٍ
(ذَاتِ النِّطَاقَينِ) اهْتَدَتْ لِلدَّرْبِ
…
حَمَلَتْ إلَيْكَ مَعَ الطَّعَـامِ بُودِّهَـا
مَـا شِـئْتَ مِنْ نَبَـأٍ وَبَـارِدِ شِـرْبِ
…
وَتُبَادِرُ الأحْدَاثَ لا تَخْشَى الرَّدَى
تَهْوَى بِمَا يَبْقَى اسْتِبَاقَ الخَطْبِ
…
وَمَضَتْ تَوَاسِي كُلَّ ذَاتِ مُصِيبَةٍ
بِيَـدٍ تُـوَالِـي بِـرَّهَــا فِـي حَـدْبِ
…
تُبْدِي البَشَاشَةَ والشِّفَاهُ بَسِيْمَةٌ
وَهِى الَّـتِي تُخْفِـي مَـرِيْرَ الكَرْبِ
…
شُغِلَـتْ بِأَوْرَاقِ القَضَايا مَـا نَرَي
وَهَنَتْ … وَتَبْتَدِرُ الدُّفُـوعَ بِدَأْبِ
…
حَتَّى انْتَهَتْ تِلْكَ (الثَّلاثُونَ) الَّتِي
كَتَبَتْ عَلَيْـكَ بِهَــا عُلُـومُ الغَيْـبِ
…
وَالصَّــبْرُ زَيَّنَهَـــا بأَكْمَــلِ زِيْنَـةٍ
فَضَمَمْتَهَـا بَعْـدَ العَنَـا عَنْ قُـرْبِ
…
عَيْنَـانِ تَخْتَصِـرَانِ مَـا قَالـتْ بِـهِ
كَـفٌّ لِكَـفٍّ … بِالمَــوَدَّةِ رَطْــبِ
…
لَكِنَّمَـا الأقْـدَارُ شَـاءَتْ غَـيْرَ مَــا
شِـئْنَا وَشَـاءَتْ أُمْنِيَـاتُ الصَّحْـبِ
…
رَحَلَــتْ … وَكُلُّ مُقِيْمَـةٍ مُتَرَحِّـلٍ
طَالَ المُقَامُ بِمُجْــدِبٍ أَوْ خَصْـبِ
…
فَاسَّـاقَطَتْ مِنَّـا الدُّمُوعُ فَأَنْبَتَتْ
زَهَـرًا وَحَيَّاهَـا رَطِيْـبُ العُشْـبِ !
…
مَـا أَقْفَـرَتْ دَارٌ خَلَتْ مِنْ رَسْـمِهَـا
فِي كُلِّ رُكْـنٍ ( وَجْهُهَـا ) أوْ صَـوبِ
…
( بَـدْرٌ ) يُطِــلُ بِنُـورِهِ فِـي جَلـوَةٍ
فَيُضِيِءُ سَـاحَةَ شَـرْقَهَــا والغَـرْبِ
…
لا يَقْطَعُ ( الله ) الَّـذِي أَمْـدى لَهَـا
فِي القَـبْرُ مُمْتَـدِّ الفَضَـاءِ الرَّحْـبِ
…
وَيُفِيْـضُ مِنْ إِنْعَامِـهِ فِـي رَوْضَـةٍ
تَخْتَـالُ فِـي ثَوْبٍ نَـقِـيِّ العُجْــبِ
__________________
محمد فايد عثمان
يَومُ الوفاء

التعليقات