. . إن هنالك ما يمكن اعتباره سُنناً عامة تجيب لنا ـ ليس على مستوى الإسلامي فحسب بل على المستوى البشري عموماـ على هذا السؤال : وأهم هذه العوامل : 1ـ غياب الدافع العقائدي أو ضعفه إن ضعف هذا الدافع يفقد الجماعة أو الدولة قدرتها على النمو والاستمرار كما يقود الجماعة كذلك الى التحلل الخُلُقي المدمِّر وتميُّع العلاقات العامة والتماسك الاجتماعي، وضياع المسؤلية الذاتية، وغياب رقابة الضمير وهي أمور تؤول إلى تناقص القدرة على الفاعلية والعطاء التي هي أساس قوة الدول ونموها وازدهارها وغياب الدافع العقائدي يصيب إرادة الانسان بالخمول والعجز والكسل ويصدها عن المبادرة الدائمة لاستغلال عناصر الزمن والمكان ولتتحقق بمزيد من التقدم والابداع 2ـ (فقدان حركة الجهاد ديمومتها وحيويتها ) فوجود حالة الاستعداد للتضحية من أجل الأهداف العليا ولو بأغلى شيء وهو الروح والنفس والحياة تمد الانسان بطاقة عظيمة خلاقة في كل ميادين الحياة 3ـ درجة المرونة التي يتمتع بها النظام فحيثما انخفضت النسبة مالَ النظام الى الصلابة ثم الى التكسُّر والسقوط وحيثما ارتفعت النسبة مالَ النظام الى التسيب والتفكك وانتهى به الأمر الى الفوضى التي تسوقه الى الدمار 4ـ قدرة الجماعة التاريخية قيادةً وقواعد على الاستجابة للتحديات المتجددة طبيعية وبشرية واجتياز الامتحان بنجاح يمنحها مزيداً من الخبرات والقدرة على التجدد ومواصلة المسير فاذا عجزت عن الاستجابة واستسلمت للتحديات وجدت نفسها مضطرة الى الابتعاد عن المسرح والانزواء بعيداً تاركةً الساحة لمن يقدر على الثبات في وجه الأعاصير مستمِداً منها طاقة أكبر على التقدم والاندفاع 5ـ ومن عوامل السقوط أن يكون الكيان مثقلا بالمتاعب والأخطاء دون تصحيح وبالتالي عدم الصمود أمام الاختلال المفاجئ أو التدريجي في ميزان القوى الدولية نتيجة ظهور قوى كبيرة جديدة تكتسح الكيانات القديمة المثقلة بالمتاعب والأخطاء نتيجة امتدادها الزمني
6ـ الامتداد الكوني المكاني حيث تجد الدولة نفسها قد انتشرت على مساحات واسعة ليس بمقدورها تغطيتها ـ قي معظم الأحيان ـ بالهيمنة والفاعلية
7ـ تنوُّع العناصر التي تشارك في التجربة التاريخية حيث يحدث اصطراع فيؤثر على وحدة التجربة وعلى قدرتهاالعطاء بسبب من التضارب بين الطاقات
8ـ الطموح البشري الذي يسيطر على كثير من القادة والزعماء فيوجه الطاقات الجبارة لمجرد أهداف ومصالح شخصية ضيقة 9ـ الازدواج الذي تعانيه السلطة في المناصب القيادية كتزامن وليين للعهد أو بالتنافس بين الادارة المدنية و المركز العسكري أوالشد والجذب بين مسؤلين كبيرين في الكيان 10ـ انحياز السلطة لأحد الجانبين عند حدوث التناحر الحزبي او القبلي او المذاهبي أو السياسي مما يضطر الجانب الآخر لمعاداتها وتحريك المتاعب بداخلها 11ـ انعدام مبدأ تكافؤ الفرص أو انحصاره حيث تُعطى المناصب الحساسة لذوي الكفاءات المحدودة 12ـ النقمة الشعبية التي تسري النار في صفوف الجماعات عما تمارسه بعض السلطات من كبت واستئثار وطغيان ويرتبط بهذا ما يتعلق بالمعضلة الاقتصادية في جوانبها وقد لعبت الفوضى الاقتصادية دورا خطيرا في ضعف الدول 13ـ الاختلال في التوازن بين القيم الروحية و المادية و ما يتمخض عنه من تأثير سيء على مصير الدول والحضارات 14ـ السنة الكونية حيث يعقب الارتفاع بدء الحركة الدورية ثم مايلبث أن يهبط صوب مصيرها المحتوم … ليس لغير ما سبب هذا الذي يحدث ولكنه للأسباب التي أشرنا اليها باقتضاب تكرار الخطأ أكبر من الجريمة هكذا قال الدكتور عماد خليل الأستاذ بجامعة الموصل بالعراق الذي يقول في مقدمة كتابه القيم: “في التأصيل الاسلامي للتاريخ” تحتوي الخبرة التاريخية على قيمة بالغة ليس في السياقات الأكاديمية قحسب وإنما في واقع الحياة …وهو مايتضمنه من تجارب الصواب والخطأ وحشود السنن والنواميس يمكن أن يغدو دليلا مناسبا للإفادة من الخبرات الايجابية وتجاوز الخطأ الذي يجيء في كثير من الأحيان أكبر من الجريمة وفي الفصل الأول من الكتاب استعرض مسيرة القيادة والدول الاسلامية عبر التاريخ ثم أفرد عنوانا لـ “أسباب السقوط” وقال: “وبعد هذا الاستعراض السريع لمسيرة القيادات والدول الاسلامية عبر التاريخ هل نستطيع أن نضع أيدينا بقدرٍ من التجريد على العوامل التي ساقت هذه القيادات والدول الى مصائرها “؟ انتهى كلام الدكتور
وبعد فهذه أسباب مستخلصة من الواقع والتاريخ وأحداثه الجسام فأهميتها أنها عوامل واقعية وليست خيالية ولايمكن لكيان أن يستمر دون أن يستلهم دروس التاريخ اللهم وفِّقنَا وسدِّدنَا وثَبِّتنا |
لماذا تنتهي مُعظَم الكيانات والدول إلى التدهوُّر والاضمِحلال والسقوط؟.

التعليقات