أبو اسلام ياسين عبد الخالق
مقدمــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله …وبعد
فإن خطبة الجمعة.وسيلة طيبة لدعوة الناس الى الالتزام والتمسك بما أمر به الله تعالى وعلاج ناجح لأمراض القلوب
تعريف الخطابة: هي فن مخاطبة الجماهير
أولا : صفـات الخطيب
١ ـ العلم وسعة الاطلاع فالخطبة موضوع علمي يتكلم في أمر من أمور الدين فإن لم يكن لديك علم فكيف تخاطب الناس. كما أن هذا الأمر يتطلب منك سعة الاطلاع على أمهات الكتب حتى تتمكن من إعداد الموضوع فالطبيب العالم خطيب ناجح موفق ـ
٢ـ الالتزام بأحكام الإسلام والعمل بما يقول فالخطيـب قدوة للناس فكيف لا يكـون ملتزما بأحكام الإسلام وهو الذي سوف ينصح الناس بالالتزام بهذه المباديء ويطالبهم بالعمل بها . واستمع معي إلى مأثور الحكمة ( وإذا أمرت بفضيلةٍ قبل أن تتحلى بها، أو نهيت عن رذيلة قبل أن تتخلى عنها كنتَ كالهازل بنفسك فإنَّ الناس إذا قرأوا صحيفة أقوالك ولم يجدوها مثل أعمالك خاضوا فيها و استهزءوا بكلماتك لأنَّ العمل أشد أثرًا في النفس من القول)
وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه ( نحن إلى إمامٍ فعَّال أحوج منَّا إلى إمامٍ قوال )
٣ـ الجرأة والشجاعة يقصد بها الجرأة في الحق وقوله والنطق به في أحلك الظروف فالشجاع في الحق مؤيَّد من الله تعالى.
٤ـ الإخلاص في القول والعمل:
نحن نعلم أن الإخلاص شرط ُقبول أي عمل يُبتغي به وجه الله . والإخلاص عبادة قلبية يتوقف عليها النجاح في الدنيا والآخرة
ه ـ قناعة الخطيب بما يدعو الناس إليه :
وهذا شرط هـام فكيف تقنع الآخــرين بشئ أنـت غيـر مقتنع به . وهو أمر خطير جداً فالقناعة هي الاقتناع وقول الخطيب إنما هو قرآن وسنة فانتبه لذلك يرحمك الله *
٦ ـ قوة الشخصية:
لابد من ذلك حتـى يتمكن الخطيب من معالجة المواقف التي تقابله في طريق دعوته إلى الله
٧ـ مخالطة المصلين والتعرف على أحوالهم :
وهذا من انقفع الشروط لنجاح الخطيب فيعرف مواطن الخلل فيعالجها في خطبة و بالمخالطة هذه يعرف ثمرة دعوته ويستشعر مدى قبول الدعوة
٨ _ نظافة الخطيب وجمال هندامة وهذا دأب النبي صلى الله عليه وسلم ولابد من التحلي بذلك ليتأسى بـك النـاس . وكلنا يعرف الهدي الظاهر وسنن يوم الجمعة . ويهتم الخطيب بالذات بهذا الهدي وجمال ظاهره
٩ ـ صوت الخطيب:
الاهتمــام بالصوت حتى يكـون عذبا عنـد ترتيل الآيات وللصــوت دور كبيـر فـي الإثـارة وتشـويق الحاضرين لسماع الخطبة حتى لا يصيبهم الملل
ثانيا : أوصاف الخطبة الناجحة
ا ـ وحدة الموضوع :
بمعنى أن يكون الكلام في موضوع واحد وعدم التحدث في أكثر من موضوع حتى لا يتشتت ذهن المستمع
٢ـ لغة الخطبة:
الأَولـى أن تكـون الخطبة كلهــا باللغـة الفصحى دون تشـدق فـى ألفاظ غيــر مستعملة فـإذا كـان مستوى المصلين عاليـاً فلا ينــزل الخطيب إلـى اللغـة العامية مطلقا . أمـا إذا كـان مـن بين الحاضرين عوام حاول الخطيب تفسير الألفاظ الصعبة باللغة الأقرب إلى فهم العامة
٣ـ البعد عن إثارة الخلافات بين الناس:
فمثلا لو كان الخطيب في مسجدِ قومٍ بينهم ثأر وقتل فلا يصح له التحدث في موضوع يمس هذا الموضـوع لأن ذلك يثير حفيظتهم وقد تكون الخطبة سبباً في إثارة الخلافات .
٤ـ أن تكـون الخطبة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحياة الناس :
فالخطيب النابه يتحدث فيما هو قريب مـن حياة النـاس دونما تجريح أو تحامــل فيتحــدث الخطيب فـي السجن مثلا عن فضل الطاعات والقربات … الخ ولا يصح له أن يكلمهم في الجهاد وأن المسلمين يتعرضون لكذا وكذا فإن السجين لا يملك حريته فضلا عن الخروج للجهاد وحماية الأرض والعرض . كيف له ذلك
ه ـ مادة الخطبة العلمية:
أن تكون المادة العلمية للخطبة في موضوع الخطبة لا يخرج عنها. وأن تكون المادة صحيحة غير واهية. وأن تكـون مؤيَّدة بتخريج الآيات والأحاديث وأن تنسب الأقوال لقائليهـا وحبذا لـو ذُكرت أسماء الكتـب حتـى يتسنى للمستمع الرجوع إليها وقت الحاجة.
٦ ــ قصر الخطبة:
وهذا أمر أصبح واضحا لكل الخطباء فقصر الخطبة من فقه الخطيــب. والأفضـل أن تصـل المعلومــة ويتضــح الهدف مـن الموعظة مع قصر الوقت. فلا يكون قصر الوقت سببا مخلا بالموضوع .
ثالثا : طــرق إعداد الخطبة
طـريقـة المبتديء :
أن يكتب الخطيب المبتدئ الخطبة فيأوراقه ثم يقرأها أكثر من مرة قراءة جيدة قبل موعد الخطبة ويحاول أن يلقى بعضها من غير الورق أو يكتب الخطيب الخطبة ويحفظها تماما أو يتحلل مـن بعض مـا حفظ
٢ – طريقـة المتمرن أو المتمرس:
دراسة الموضوع وترتيب عناصره في الخاطر وتجهيز العناصر بينه وبين نفسه واستحضار الألفاظ اللائقة للموضوع
3ـ طريقة تفيد ضعيف الذاكرة : إعداد الموضـوع إعدادا جيدا وكتابة العناصر في مذكرة تكون مرجعا له
4ـ اطلاع الخطيب على الموضـوع ودراسته ثم التحدث به بينه وبين نفسه بصوت مرتفع. أو التحدث به أمام جمع من الناس
كتابة الخطبة وانتقاء الأساليب الجيدة ثم قراءتها أكثر من مرة مع التنقيح . فيحفظ معظم عباراتها
سلبيات يجب تجنبها في خطبة الجمعة
١– الإطالة في الخطبة
٢ ـ الاعتمـاد علـى الأحاديــث الضعيفة والقصص الخرافية
٣ـ اللحن في اللغة
٤ – الكلام باللغة العامية
٥ ـ سوء الإلقاء في الخطبة
٦ـ السطحية في تناول القضايا
٧ـ تقليد الخطباء المشهورين
٨ـ مدح أهل الباطل والدفاع عنهم
٩ـ تجريح الناس وتفسيقهم
١٠– الحديث عن جانب واحد من الاسلام أى دائما وترك ما سواه وإلا فلا يلزم ذكر كل شئ فى كل خطبة
رابعا: نصائح غالية
أخي الخطيب
1 ـ لا تذم نفسك :
لا يصح للخطيب أن يذم نفسه فـي خطبة الجمعة أمام الحاضرين لان ذلك ربما أثار شكوكهم فيه وربما كان ذلك سبباً للجدل والكلام فضلا عن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فمثلا لا يقول الخطيب أوصيكم ونفسي المذنبة المقصرة بتقوى الله … الخ
٢ـ إن كنا قد تحدثنا عن عدم ذم النفس فإننا أيضا نحذر من مدح النفس فلا يمدح الخطيب نفسه ولا يتحدث عن طاعته أو عمله للدين لان ذلك لا يهم المستمعين بل ربما كان سبباً في عزوف الناس عن هذا الخطيب
٣ـ عدم ذم المستمعين
وتلك مصيبة عظيمة الخطيب طبيب معالج لهم فكيف يذمهم وينطق بما يؤذيهم وهو مـا لا يقبلونه أبداً . بل من الأفضل للخطيب أن يمدح المستمعين ويمدح فيهم طاعتهم لربهم
٤ـ عدم وعد المصلين بعدم التطويل في الخطبة لأنه ربما يضطر للتطويل شيئا مـا فلا يكون وعده قولا يخالف فعله .
٥ــ ولا يفضل للخطيب أن يعتذر عن التطويل كذلك: لأنهم ربما استحسنوا الخطبة ومـس الموضـوع شغاف قلوبهم فنسوا التطويل . فيكون الاعتذار سببا في فتح باب على نفسه
٦ـ عدم الإكثار من إشارة اليد إلا لحاجة:
٧ـ عدم إخراج الخطيب نفسه من المستمعين يعنى لا يقول فـي حديثه أنتم . بـل يقول نحن فهذا يشعرهم بقربه منهم فتسود روح الإخوة
٨ـ الثناء على المستمعين والدعاء لهم وهو أولى لقبولهم للوعظ والإرشاد . وحافز لهم للتقدم على طريق الله.
٩ـ لابد من اختيار الموضوع والاستخارة عليه ليتناسب باختياره على علاج الخلل المطلوب ترميمه ثم الاستخارة طلبا للبركة والعون والتوفيق من الله .
١٠ـ مراعاة ظروف الناس من جميع النواحي العلمية والثقافية والاجتماعية وأحــوال البيئـة التي يعيشون فيها . فمراعـاة ظروفهم تقدير لهـم واحترام لمكانتهم ودافعا لهم للتمسك بأمر دينهم .
لمحات سريعة
أمور هامة
الخطبة إبلاغ رسالة عن الله تعالى ونجاحها إنما هو توفيق من الله.
أول خطوة تبدأ من القلب قبل اختيار الموضـوع حيث يزيل عن قلبه كل الوساوس حتى يعلم ما هو الأحب إلى الله فيما يبلغه إلى عباده.
الاستعاذة بالله – الدعاء بالعون والتوفيق الاستخارة.
من يقرأ الموضوع لمجرد الإلقاء يكون عرضه جافاً بل عليه أن يقرأ الموضوع على نفسه قبل الجمعة ليعظ به قلبه أولا ولابد أن يتأثر به قبل الناس وإلا فلن يؤثر في الناس مطلقا
إحرص على أن تكون صلتك بالله مستمرة حتى وأنت على المنبر تسأله العون والسداد .
ـ لا تغتر بثناء الناس عليك في خطبة قوية فربما كانت التي بعدها سيئة .
لابد أن تعرف قدر نفسك وأن تضع ذنوبك نصب عينيك
موقف رائع للشيخ الشعراوى رحمه الله رحمة واسعة :
حضر له في الجزائر أكثر من مليون فدخل الخلاء فسُمِع يقول لنفسه: قدرك هذا الغائط))
موقف آخـر للشيخ عبد الله شحاته رحمه الله رحمة واسعة .
قال: كل لقاء تلفزيوني أعتمد فيه على نفسي لم أوفَق فيه )
الخطبة الناجحة : توصيل المعنى إلى قلب السامع فيحدث عنده تغيير سواء وصل المعنى باللغة الفصيحة أو العامية . المهم أن يصل المعنى واحذر أن تكون الفصاحة مقصوده لذاتها .
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل