بقلم/ علي الديناري
الحمدُ للهِ الذي أنعم علينا بنعمة القرآن، وهدانا به ومتَّعَنا بمعانيه فإنَّ من نعيم الجنة أن نسمع القرآن إن شاء الله ـ بأجمل صوت فكيف نغفل نحن عن هذا النعيم ونحن أحوج ما نكون إليه؟,
والصلاة والسلام على من جُعِلت قرة عينه في الصلاة حيث يقرأ فيها القرآن
أما بعد..
فهذه عِدَّة فوائد ووصايا جمعتها لتعين على تدبر القرآن ثم رأيت أن أهديها لمن أحب لعل الله تعالى أن يتقبلهامني فيمتعني بالقرآن وينفعني به
, لقد جمعتها في رمضان الكريم شهر القرآن فلرمضان في كل عامٍ فضلٌ وعطاءٌ وهديةٌ يهديها لأحبابه, والحريص من يجمعها ويحفظها ويقيِّدها بالكتابة لأنها قلَّما تعود لأنها نابعة من صفاءٍ خاص برمضان والقرآن..
القرآن رسالة الله إليك أخي الحبيب, رسالة من المَلِك الجليل الرحيم إلى عبده الفقير وقد جمع الله في هذه الرسالة – القرآن – كل ما ينفعك وطريق الوصول إليه وكل ما يضرك وطريق الابتعاد عنه إذاً
كيف يرسل إليك مولاك رسالة وأنت تقضي عمرك كله لا تحاول أن تفهمها؟!!
أو تكتفي بفهم القليل منها؟,
لقد أنزل الله هذا القرآن لتتدبره وتتأمل معانيه قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ),
وعاب على الذين لم يتدبروه فقال جل وعلا: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)؟,
قال ابن القيم: (فليس شيءٌ أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدَبُّر القرآن وإطالة التأمل وجمع الفكر على معاني آياته
فإنها تُطْلِع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها، وعلى طرقاتها وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما،
وتتُل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة وتثبت قواعد الإيمان في قلبه وتشيد بنيانه وتوطِّد أركانه،
وتُريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه وتُحضره بين الأمم، وتُريه أيام الله فيهم وتبصِّره مواقع العِبَر،
وتُشهده عدل الله وفضله، وتعرفه ذاته سبحانه وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصل إليه وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه،
وقواطع الطرق وآفاتها
وتعرفه النفس وصفاتها
ومفسدات الأعمال ومصححاتها،
وتُعَرِّفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه وافتراقهم فيما يفترقون فيه.
والآن إليك بعض الوصايا المعينة على تأمل القرآن
|
(1)عليك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وما كان يفعله عند تلاوته للقرآن عن حذيفة -رضي الله عنه- قال:
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلم
– إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبح.
وإذا مرّ بسؤالٍ سأل.
وإذا مر بتعوذٍ تعوذ» [رواه مسلم 77″.
هذا الوقوف عند هذه المعاني يُنَبه القلب إليها ويعيد القلب الشارد بعيداًعنها، وهذا الوقوف له أثرٌ عظيمٌ في إحضار القلب وتجاوُبِه مع التلاوة وتأثره بها
قال ابن القيم عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان له حزب يقرؤه ولا يخل به وكانت قراءته ترتيلا لا هذا ولا عجلة بل قراءة مفصلة حرفا حرفا وكان يقطع قراءته آية آية وكان يمد عند حروف المد فيمد الرحمن ويمد الرحيم وكان يحب أن يسمع القرآن من غيره),
(2) الالتزام ىآداب الظاهر تؤثر في القلب والباطن فمما يساعدك على تدبر القرآن مراعاة آداب التلاوة مثل ماقاله الامام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري رحمه الله تعالى، في كتابه النافع (أخلاق حملة القرآن)،:
ـ وأحب لمن أراد قراءة القرآن، من ليل أو نهار أن يتطهر، وأن يستاك، وذلك تعظيم للقرآن؛ لأنه يتلو كلام الرب عز وجل؛ وذلك أن الملائكة الكرام تدنو منه عند تلاوته للقرآن، ويدنو منه الملك، ،
ـ وأحب أن يكثر القراءة في المصحف لفضل من قرأ في المصحف،
ـ ولا ينبغي له أن يحمل المصحف إلا وهو طاهر، فإن أحب أن يقرأ في المصحف على غير طهارة فلا بأس، ولكن لا يمسه، ولكن يصفح المصحف بشيء، ولا يمسه إلا طاهراً.
ـ وإذا كان يقرأ فخرجت منه ريح أمسك عن القراءة، حتى تنقضي الريح، ثم إن أحب أن يتوضأ ثم يقرأ طاهراً فهو أفضل، وإن قرأ غير طاهر فلا بأس منه.
ـ وإذا تثاءب وهو يقرأ، أمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب.
ـ كلما مر بسجدة سجد فيها، فإنه يرضي ربه عز وجل ويغيظ عدوه الشيطان. روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار» (مسلم:[81]).
ـ وأحب لمن كان جالساً يقرأ أن يستقبل بوجهه القبلة، إذا أمكن.
ـ أن يقرأه بحزن، ويبكي إن قدر، فإن لم يقدر تباكى.
ـ أن يتفكر في تلاوته، ويتدبر ما يتلوه، ويستعمل غض الطرف عما يُلهي القلوب، ولو ترك كل شيء حتى ينقضي درسه ؛ ليحضر فهمه، فلا يشتغل بغير كلام مولاه.
ـ إذا فمرت به آية رحمة سأل مولاه الكريم، وإذا مرت به آية عذاب استعاذ بالله عز وجل من النار، وإذا مر بآية تنزيه لله عز وجل عما قال أهل الكذب سبح الله وعظمه.
وإذا كان يقرأ فأدركه النعاس، فحكمه أن يقطع القرآن حتى يرقد ، حتى يقرأه وهو يعقل ما يتلو”.
(3)ـ لا يكن همك الانتهاء من الورد لأنك ستقرأ باستعجال يصرفك عن التدبر واعلم أنك لو وقفت على معنى واحد وتأمله قلبك فهو انفع له من وردك كله إذا كان بغير تأمل عن عبد الله بن مسعود أن رجلا قال له إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة فقال عبد الله بن مسعود هكذا هكذا الشعر إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع القلب فرسخ فيه نفع
.
(4)استقبل آيات القرآن على أنها تخاطبك أنت بذاتك وعندئذٍ ستشعر بقرب القرآن منك وتشعر وكأن هذه الآيات أنزلت الآن ولأجل الحال الذي تمربه الآن وسيشجعك ذلك على تكرار الآيات وتأمل معناها إعجابا بها وارتياحا واستشفاء وخذ أمثلة على ذلك قوله تعالى: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ), (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ), (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ), (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا), (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً), (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا), (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ), وما شابه ذلك من الآيات أي نعم هذه الآيات تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنك من أتباعه فأنت شريك له في هذا الخطاب.. قال ابن القيم: (إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه والق سمعك واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه فانه خطاب منه لك
(5) الدعاء بالفهم فقد كان عمر رضي الله عنه إذا قرأ الآية فلم يفهمها قال: (اللهم فهمنيها) فيفتح الله عليه, وهذا لا يعني أن الفتح يغني عن العلم المأخوذ من أهله ومصادره وإنما الفتح كشف المعنى أي ينبهه إلى المعنى بعد أن كان غافلا عنه
(6)اعلم أن القرآن ليس مواعظ فحسب أو ليس هو مجرد آيات في الجنة والنار تقرؤها ليرقَّ قلبك وتذرف عينك بالدموع وكفى فإذا كان القرآن عندك هو هذا وفقط ولا تخشع إلا عندما تقرأ آيات العذاب فأنت مقتصر على أقل القليل من القرآن وفاقد لأكثر الكثير منه إذاً أول وصيه هي أن لا تقنع بما معك من فهم القرآن وليكن على بالك طول عمرك معرفة معاني الكلمات الغامضة عليك والآيات التي لا تفهم معناها وتعجب من نفسك كيف قرأت كلمات هامة وسمعتها مئات المرات ولم تفكر ولم تحاول معرفة معناها؟, وكيف لم يشغلك إدراك هذا المعنى؟, وخذ أمثلة كثيرة على ذلك: (وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ), (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ), (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً* فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً* فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً* فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً), (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ), (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ), (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا* بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا), وكذلك كلمات: داخرين ـ جاثمين ـ تصريف الرياح ـ على مكانتهم ـ مهطعين ـ مبلسين ـ يعمهون ـ يستحي نساءهم ـ كيف لا يضايقك أنك تسمع كلمات لا تعرف معناها؟!,
وكيف لم تحاول الوصول إلى هذا المعنى رغم سهولة ذلك عليك؟!,
إننا نعتمد في قراءة القرآن على مجرد الخشوع الناتج عن عقيدتنا الراسخة بأن ما تقرأه هو كلام مقدس لأنه كلام رب العالمين فطبيعي أن يُحدث ذلك هيبةً وخشوعاً ما, ثم نرضى ونقنع بفترة طيبة روحانية قضيناها مع المصحف في إجلال وخشوع وكفى!
هذا شيء طيب ولكن هل هذا هو كل المطلوب؟, وهل هذا وحده هو تدبر القرآن؟.. إن الرجل الأمي يستمع إلى القرآن فيخشع قلبه وهو لا يعلم المعاني فهل يكتفي من تعلم القراءة والكتابة بنفس نصيب الأمي؟, فأين إذا شكر نعمة القراءة واستخدامها فيما يحبه الله تعالى؟.
(7). أن تكون لديك حصيلة كبيرة من معاني الكلمات والآيات وطريق الوصول إلى هذه الحصيلة في هذا الزمان سهلة إذ يمكنك الاحتفاظ بمصحف مفسر تقرأ فيه وكلما وجدت كلمه غامضة عليك رجعت إلى معناها في المصحف وهكذا بعد مدة من الزمن يتكون لديك رصيد كبير من معاني الكلمات ويمكنك أن تدرك الفرق بين تلاوة القرآن مع معرفة المعاني وبين التلاوة بدون علم هذه المعاني بأن تقرأ سورة معينه ثم تقرأ معاني كلماتها ثم تقرأ نفس السورة بعد قراءة المعاني ولاحظ الفرق.
(8 )اختيار الوقت المناسب للتلاوة وأفضل الأوقات التي يجتمع فيها الفكر هي بعد القيام من نومٍ كافٍ ومريحٍ ولذلك كان فضل قيام الليل وأثره في تدبر القرآن واختيار وقت مناسب دليل على اهتمام الإنسان بما سيقرؤه فإنه لا يريد أن يقرأ أي قراءة أو يؤدي واجبا وعندما يكون هذا الاهتمام موجودا فلابد من التوفيق لأن القرآن إذا أعطيته أعطاك.. فلا تجعل لوردك اقل أوقاتك فضلا وأكثرها انشغالا
(9) اجعل فزعك كلما حز بك أمر إلى القرآن سواء في داخل الصلاة كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة أو خارج الصلاة بأن تتلوا القرآن فإن النفس المصابة والقلب الجريح يبحث عن معنى يسكن إليه ويعتمد عليه في اطمئنانه وارتياحه وما دام يبحث عنه فيستنبه إليه هذه المرة رغم انه كان يمر عليه كثيرا ولا ينتبه إليه وسيهدي إليك القرآن كثيرا من المعاني العظيمة وربما بمعنى واحد يسكن اضطرابك.
(10)اعمل بما تعلم من القرآن فإن من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم.
(11)قِفْ عند أي أية تجد نفسك محتاجا لتكرار ها حتى يكتمل المعنى وحتى تنال نصيبك من الآية ولا تستعجل
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنّه قام بآية يرددها حتى أصبح وهي قوله تعالى (إن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم) المائدةُ
وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه أنه كرر هذه الآية حتى أصبح (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومما تهم ساء ما يحكمون)
وعن عبادة بن حمزة قال دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ (فمَنَّ الله علينا وَوقانا عذابَ السَمُوم) فوقفَتْ عندها فجعلت تعيدها وتدعو فطال عليَّ ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو ورويت هذه القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها
وردد ابن مسعود رضي الله عنه (ربِّ زِدْني عِلماً ) وردد سعيد بن جبير (واتَّقوا يوما تُرجَعون فيهِ إلى الله) وررد أيضا (فسوف يعلمون إذِ الأغلالُ في أعناقهِم) الآية وررد أيضا (ما غرَّك بربِّك الكريم) وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى (لهُم مِن فَوقِهِم ظُلَل مِن النَّارِ ومِن تحتِهم ظُلَلَ) رددها إلى السحَر
(12) يمكنك إحضار القلب وجذبه إلى التأمل بان تعد المعطوفات على بعضها مثل:
ـ فوائد البحر في آية: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ),
ـ فوائد الماء الذي انزله الله يوم بدر سورة الأنفال ـ ـ ـ ـ أسباب النصر في سورة الأنفال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ* وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ),
وكذلك كلمة الصبر في سورة الكهف
وكلمة الظلم في سورة الشورى
وكلمة الصدق في سورة الزمر وهكذا فذلك يساعدك على الارتباط والتفاعل مع القرآن
(13). اقرأ السورة الواحدة أكثر من مرة في جلسة واحدة إذا أردت أن تتفهم موضوع هذه السورة.
(14) كثير من السور تختم بوصايا مباشرة مثل سورة آل عمران ( اصبروا وصابرواورابطوا واتقوا الله ) وكما في سورة هود (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولاتطغوا .. ) وتعتبر السورة كلها تمهيدا لهذه الوصايا العظيمة , فاحصر هذه الوصايا وعُدَّها ثم عليك بإعادة قراءة السورة ستجد هناك علاقة قوية بين السورة كلها وبين هذه الوصايا.
(15) طبق ما تعلمته من علم أثناء التلاوة مثل النحو فتُعرب الآيات التي إعرابها سهل عليك واقرأ في إعراب الآيات لأن في الإعراب نوع من الجمال اللغوي الذي يشد انتباهك وشد الانتباه هو المطلوب
وكذلك الفقه انتبه إلى الآيات الدالة على أحكام درستها وعندما تقرأ في آيات الأحكام فإن ذلك سيساعدك كثيرا في تأمل القرآن
وكذلك أصول الفقه وكل ما درسته من أصول بأدلة من القرآن فانتبه إلى هذه الآيات وأعِد على ذهنك أن هذه الآية دليل على حكم كذا فإن هذا الانتباه سيعودك السماع والإنصات للقرآن وحضور القلب الدائم مع تلاوته, وستنتقل بذلك من التأثر بالقرآن في المواعظ وحدها إلى التأثر ببقية القرآن وبذلك يتسع الفهم والإدراك عمليا
(16). إذا كنت خطيباً فاجعل القرآن مرجعك الأول في الإعداد للخطبة وذلك بأن تحصر الآيات التي تكلمت في موضوعك ثم تقرأ تفسيرها وأسباب نزولها ثم ترتب هذه الآيات فيمكنك بذلك أن تخرج بموضوع كامل من القرآن وحده, وعندما يتكرر ذلك كثيرا ستجد لديك حصيلة كبيرة من الآيات التي استدللت بها وبالتالي نشأت بينك وبينها علاقة ما تجعلك تنتبه إليها كلما مررت عليها.
) 17) احذر أن تصدر حكما أولا ثم تبحث له في القرآن عن دليل لأن القرآن حمال أوجه وفي هذه الحالة ربما تعتمد على دليل يوافق الهوى وهذه الطريقة طريقة أهل البدع أما طريق أهل السنة فهي الاستسلام لحكم القرآن.
نفعني الله وإياك بالقرآن وجعلنا من أهله الذين هم أهل الله وخاصته
آمين