القائمة إغلاق

الثوابت والمتغيرات ” تعريف وتحديد “

د.عصام دربالة

أسباب عديدة تقف وراء كثير من الاخطاء كما تقف وراء الخلافات الغير مبررة , لكن نحسب أن هناك سببا هاما وأساسيا قد يكون مسئولا عنها وهو عدم التفريق بين الثوابت والمتغيرات

والسؤال الآن ما هى الثوابت وكيف نميزها عن المتغيرات ؟

باستقراء نصوص الكتاب الكريم والسنة المشرفة والأحكام التى تستقى منها سنجد أن :

  • من هذه الأحكام ما هو محل اتفاق عليه بين العلماء , ومنها ما هو محل خلاف كبير بينهم
  • وأنه بالنظر إلى الأدلة التى يستقى منها الأحكام كالكتاب والسنة والأجماع والقياس والمصلحة المرسلة وقول الصحابي وسد الذرائع والاستحسان والاستصحاب وشرع من قبلنا … الخ سنجد أن من بينها ما هو محل تسليم واتفاق بين الكافة ومنها ما هو غير ذلك .
  • أن المتأمل فى الأحاديث النبوية يجد أنها تتنوع من حيث الثبوت إلى ما ثبت بالتواتر وما هو ثابت بالآحاد , وما هو متفق على صحته وما هو متفق على ضعفه وبينهما درجات .
  • أنه بالتدقيق فى دلالات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية يتبين انقسامها إلى ماله دلالة قطعية وأخرى ظنية  .
  • أن هناك ما يندرج فى عداد الأركان كالصلاة والصيام والزكاة والحج , وما يندرج فى المقاصد العامة والقواعد الكلية كـ “لا ضرر ولا ضرار ” وما يندرج فى عداد الفروع والمستحبات والمباحات إذأً يمكن أن نحدد ما يدخل فى الثوابت كالآتي :
  • الأحكام  محل أجماع سواء كانت من العقيدة أو الشريعة لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة .
  • وما كان دليله قطعيا فى الثبوت والدلالة   .
  • وما كان من قبيل أركان الإسلام   .

ومن هنا يمكن تحديد مدلول الثوابت الذي نقصده : بأنها جملة الأحكام والأركان والقواعد الشرعية الثابتة بدليل مجمع عليه كالكتاب والسنة وبنص قطعي الثبوت والدلالة أو كانت محل إجماع بين علماء الأمة سواء كانت من مسائل العقيدة أو العبادات أو المعاملات أو العقوبات أو الأخلاق أو المقاصد الإسلامية أو القواعد الكلية .

أما المتغيرات فهى تلك المسائل والأحكام التى تثبت من دليل غير مجمع عليه كعمل أهل المدينة أو الاستحسان أو ما شابه ذلك , أو استنادا لنصٍ ظنيِّ الدلالة أو ظنيِّ الثبوت مما يفتح الباب أمام اختلاف الأفهام وتنوع رؤى المجتهدين , أو ما كان الحكم فيها مستندا إلى عرف أو مصلحة .

وبناء على ذلك فإن المسائل التى تندرج في الثوابت هى تلك التى يجب الخلاف مع من ينكرها , كما يجب أن يُنكَر على من يهدرها ولا تقبل تنوع الإجتهادات أو تجددها , كما أنها لا تتغير بتغير الزمان أو المكان أو الأحوال كالصلاة والزكاة وصيام رمضان والحج والعقوبات المنصوص عليها والتوحيد وغير ذلك .

أما المتغيرات فهي تقبل تنوع الاجتهادات وتعددها وتتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص طالما تغير العرف أو المصلحة التى تستند عليها ولا يصح الإنكار على المخالف فيها .

أما الأحكام الشرعية الظنية – أي التى تثبت بدليل ظنّيِّ الدلالة أو الثبوت – فإدخالها فى عداد المتغيرات لا يأتي من منطلق قابليتها للتغيير ولكن من منطلق أنها تتحمل الخلاف ويسوغ للمجتهد أن ينتقل عن رأيه القديم إلى غيره نتيجة تجدد اجتهاده 0

 وهذا التمييز بين ما يدخل فى الثوابت وما يخرج منها يجهله أو يتجاهله فريقان متقابلان , الفريق الأول : وغالبا يكون ممن لا ينتمون للتيار الإسلامي حيث يعمدون إلى إدخال بعض الثوابت فى المتغيرات حتى لو كانت من ثوابت العقيدة والشريعة

ـ  الفريق الثاني : فهو يمثل قطاعا من المنتمين للحركة الإسلامية مولع بإدراج بعض المتغيرات فى عداد الثوابت ويسبغون عليها ذات القدسية التى لها , وهو ما ينشأ من خطأ جسيم .

التعليقات

موضوعات ذات صلة