بقلم: الأستاذ علاء العريني
عندما اشتد الصراع بين الدول في بلادنا العربية وبين بعض مكونات الحركة الإسلامية كثيرا ما كنا نسمع التصريحات التي تطالب الحركة الإسلامية بترك العنف والانخراط في العملية السياسية وكتبت الكثير من المقالات وطبعت الكتب ودخلت المؤسسات الدينية في هذا الأمر تطالب الحركة الإسلامية بالسعي للتغيير عبر القنوات الشرعية ولكن لأن الأجواء لم تكن ممهدة لذلك أو لقناعة الصقور داخل الحركة الإسلامية أن الذئب لن يرعي الغنم لم تحدث استجابة لهذه الدعوات خصوصا أن تجربة الجزائر كانت حاضرة أمام الجميع كنموذج علي أن النظم في بلادنا لن تقبل بوجود التيار الإسلامي في الحكم ، استمر الصراع حتي حدث زلزال قوي داخل الحركة الإسلامية ألا وهو المراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية والتي أعقبها مبادرة وقف جميع العمليات العسكرية في الداخل والخارج وحل الجناح العسكري الخاص بالجماعة الإسلامية ، كان هذا الإعلان من طرف واحد وبعيدا عن أي مساومات أو ضغوط حتي أن النظام تعامل بحذر شديد مع بيان وقف العمليات العسكرية ، وحتي لا أطيل فإن الدولة لم تقبل إلا بعد الكثير من الاختبارات التي تيقنت بها من صدق النوايا وأن الأمر ليس مجرد خدعة هدفها الخروج من السجون ومن ثم العودة مرة أخرى للعمل العسكري ، حتي كانت ثورة يناير والتي غيرت مجري الحياة في مصر وأصبح هناك براقة أمل للتغيير الحقيقي فشاركت الحركة الإسلامية في العملية السياسية وأسست بعض الأحزاب للعمل من خلالها وقد كان لحزب البناء والتنمية مواقف سجلها المخالف قبل الصديق برهن بها علي صدق هؤلاء الرجال وأن المصلحة العليا كانت هدفهم واستمر الحلم حتي انتهت المباراة وقيل للجميع جيم أوفر وعادت الحياة سيرتها الأولي ولم يعد للأحزاب أي قيمة تذكر ولكن البعض برغم ذلك استكثر أن يكون هناك حزب ينتمي للحركة الإسلامية حتي ولو كان مجرد اسم فتم الاستعانة ببعض الساقطين للعمل علي حل حزب البناء والتنمية حتي صدر الحكم بالأمس بحل هذا الحزب ، وأنا هنا لا أسطر هذه الكلمات من باب الحزن علي هذا الكيان فصاحب الهدف لن يعدم السبيل ، ولكن الدافع إلي الكتابة هو إلقاء الضوء على الرسائل السلبية التي ستترتب على حل حزب البناء والتنمية والتي ستصبح صورة ماثلة في الأذهان للأجيال القادمة فمهما حدث بعد ذلك لن تستطيع أنظمة الحكم في بلادنا العربية إقناع الأجيال القادمة بالانخراط في الحياة السياسية وترك الوسائل الصدامية لأن الأجيال القادمة سوف تضع هذه التجارب أمامها الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية مرحلة من مراحل تاريخ هذه الأمة وليست نهاية التاريخ وإن كانت الجماعة الإسلامية قد استوعبت تجارب التاريخ وأعطت الوعد وصدقت فيه فعليكم ان تستعدوا لأجيال لن تقبل ولن تستوعب لأنكم بكل بساطة كسرتم أغصان الزيتون، كثيرا ما كنت أفكر لماذا تم الإبقاء على حزب البناء والتنمية هل بالفعل هناك عقول تفكر وتنظر للمستقبل وتسعي للحفاظ على هذه الصورة في أعين الأجيال القادمة حتي كان الأمس علمت أني كنت أحلم ..