القائمة إغلاق

هذه أمي

بقلم: فضيلة الشيخ عاصم عبد الماجد

لم تصبر على ما لحق بولديها – طيلة أربعين سنة بل يزيد – صبر المجبر المضطر
بل كانت هي وأبي في حالة من الرضا بسلوك ولديهما طريق الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله.. وهما يعلمان أن لذلك ثمنا وضريبة.
فكان بيتهما رحمهما الله أحد البيوت المفتوحة لإخواننا الدعاة صغارا وكبارا.
وكانت -كما كان أبي- تحب الدين وأهله.. وتحب القوة في الحق والرجولة في نصرته.
بل كانت أشد من أبي في الاعتداد بما يفعله أبناؤها..
حتى أنها وقد جاءت لزيارتي لأول مرة في السجن الحربي بعد حرمان طال حوالي ٥ أشهر قتل خلالها السادات وقيل لها قتل ولدك.. ثم قيل لها بل قطعت ساقه.. ثم علمت أنني محال للمحكمة العسكرية بأخطر التهم..
فلما جاءت كان أول ما قالته لي وهي تحضنني:
إياك أن تفعل.
فقلت لها:
لا تخافي.. أنا ولدك.
ذلك أنها سمعت المحامي يطالبني بحلق اللحية أو تخفيفها قبل المثول أمام المحكمة العسكرية.. فهذا أدعى لتخفيف موقفي خاصة وأنا محال للمحاكمة بدون محضر تحقيق.
كانوا مستعجلين فاكتفوا بأقوال ٢٣ وأحالوا الرابع والعشرين للمحاكمة دون عرضه على النيابة!!
نسيت أمي كل ما حولها وكل ما ينتظر ولدها وما ينتظرها وتذكرت شيئا واحدا وهو أنه لا يليق بولدها ذلك.
كان المحامي (اللواء/عماد الدين السبكي المدعي العام العسكري السابق) يرى ذلك فرصة للتخيف من موقفي القانوني.
ولكن أمي رحمها الله رأتها فرصة لأثبت أني رجل..
ولتثبت أنها على درب أسماء أم عبد الله بن الزبير.
وكان لأمي ما أرادت.
كانت تقف بقوة مع د/مرسي..
ولكنها وياللعجب قالت لي في أيامه الأخيرة: لا تبالغ في نصرته.
كانت ببصيرتها تعرف أنه سيسقط..
وكانت لا تريد أن يقترن اسمي بهذه الهزيمة التي لم أصنعها..
قلت لها سامحيني..
لا أستطيع..
فأذنت لي في استكمال مشواري وهي تعلم عواقب ذلك..
وهو أنها ستحرم من ولدها مرة ثانية..
بعد أن حرمت منه من قبل ٢٥ عاما.
لكن شهامتها غلبتها في النهاية..
ودفعت ثمن شهامتها
وصار ولدها مهاجرا مطاردا..
وولدها الثاني مهاجرا وان لم يكن مطاردا
لكنها استطاعت أن تتسلل مرتين لتزور شقيقي في السعودية ثم تزورني في قطر.
وهناك التقطت لها هذه الصورة.
واليوم أنشرها لأفخر بها !!
فاللهم برحمتك اجعل الليلة أسعد ليلة مرت بها قط..
اللهم برحمتك اجعل قبرها أحسن روضة من رياض الجنة.
اللهم برحمتك..
إلى جنتك بغير حساب..
فأنت توفي الصابرين أجرهم بغير حساب.
اللهم وإني أحقر من أن أشفع لها..
لكنك وأنت الكريم أكرم من أن ترد شفاعتي.
فاللهم افتح لها أبواب السماء
وبشرها الليلة بالجنة
وارضها بصحبة نبيك.
اللهم إلى الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب..
اللهم إلى الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب..
اللهم إلى الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

التعليقات

موضوعات ذات صلة