بقلم: أ. سيد فرج

ذكرى نصر أكتوبر، هي واحدة من الذكريات، التي لابد وأن يشعر فيها، كل مصري شريف، بالعزة والكرامة، ويحتفي بها، ولا يجب ترك هذه الذكرى، تمر مرورا عاديا، ولما لا؟
فهي الحرب، التي غسلت جبين مصر، وطهرته من درن الهزيمة، والذلة، فصار ناصع البياض، عطر الرائحة، شامخا في السماء، وهي الحرب، التي أظهرت المعدن الأصيل، والنفيس، للشعب المصري العظيم، وهي الحرب، التي وحدت كل مكونات الشعب المصري، خلف هدف واحد، وهو تحقيق النصر وهي الحرب، التي تحقق فيها الاندماج الوطني، بمعناه السياسي الصحيح.
ولقد أعلت هذه الحرب، روح التعاون، والمشاركة الإيجابية، والمصلحة الوطنية، فوق كل المطالب السياسية، والطائفية، والفئوية، فلا احتقان طائفي، ولا اقتتال سياسي، والجيش يرابط على الجبهة، ومن خلفه الشعب، يؤيده، ويدعمه، ويدعوا له، والشرطة تحمي الجبهة الداخلية، وتحقق أمن المواطن، فلا سجون سياسية، ولا معتقلات، والمعارضة لا هم لها إلا دعم الدولة، حتى تنتصر على العدو، فلا مؤامرات، ولا دسائس، ولا استقواء بالخارج، ولا نشر لإشاعات.
هذه الحرب، التي قاتل فيها المسيحي بجوار المسلم، والإسلامي بجوار الليبرالي واليساري، فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولا سبب يفرق بين الجيش والشعب، ولا الشرطة والشعب، ولا بين مصري ومصري، بسبب ميوله الفكرية، أو السياسية، فالكل على قلب رجل واحد، حتى تحقق النصر على العدو الصهيوني.
لذلك أتمنى، وأدعو إلى أن تطلق أحد المؤسسات المصرية الوطنية مبادرة، وتتبناها كل المؤسسات الوطنية، والقوى المدنية، والأحزاب السياسية، وتدعم من الأزهر والكنيسة وجميع وسائل الإعلام الخاصة والعامة، ويدعمها كل مصري شريف، يحب الخير لهذا الوطن، داخل مصر وخارجها.
واقترح أن يكون لها، عنوان، وأهداف، وآليات.
أولا: العنوان ((يهدف إلى استعادة روح أكتوبر، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للوطن))
* مثال:( معا نستعيد روح النصر) أو (معا لننتصر) أو غير ذلك.
ثانيا: اهداف المبادرة الأساسية، يجب أن ترمي إلى تحقيق قوة الدولة المصرية، وتقدمها، واستقرارها ليعود ذلك بشكل ايجابي، يحقق المصلحة الوطنية العليا.
- أهداف المبادرة:
- تحقيق الوحدة الوطنية، بين كل مكونات المجتمع المصري، المختلفة، والمنافسة، والمتظالمة.
- مواجهة التحديات، والتهديدات، والأخطار التي تواجه الدولة المصرية.
مثال:
- مواجهة أزمة سد النهضة.
- مواجهة الخطر الصهيوني على حدودنا الشرقية.
- مواجهة الأزمة الاقتصادية.
- مواجهة بعض مظاهر الانقسام المجتمعي، والاستقطاب السياسي.
- مواجهة ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها.
- مواجهة مشكلات التعليم والصحة والإسكان والبنية التحتية والخدمات الأساسية.
- مواجهة الخطر الأمني والفكري، الذي يشكله تنظيم الدولة في سيناء.
ثالثا: آليات المبادرة.
- أن يعلن كل المكونات المصرية مؤسسات وافراد، وكيانات سياسية، ودينية، وغيرها مؤيدة ومعارضة، قبولها لهذه المبادرة، والتفاعل معها، والعمل على إنجاحها.
- نشر روح التسامح بين جميع مكونات الوطن، عن طريق جميع وسائل الإعلام المؤيد والمعارضة، وجميع الشخصيات السياسية والدينية.
- إصدار عفو عام عن جميع المعتقلين والسجناء على خلفية قضايا سياسية، بشرط التزامهم بعدم الانخراط في أعمال تهدد الأمن والسلم المجتمعي.
- تشكيل لجان توعية، تجوب أنحاء الجمهورية، لتحقيق أهداف المبادرة، ويشترك فيها كل من يملك القدرة على توعية الجماهير.
- إنهاء حالة الجمود السياسي وترك مساحات للمشاركة السياسية وحرية التعبير.
وفي الختام:
أقول بإجمال: لمن سيعترض على هذه المبادرة من المعارضين للسلطة أو مؤيديها:
ألا يكفيكم هذه العشرية (عشر سنوات) من الانقسام المجتمعي، والموارد المهدرة، والدماء المسالة، والآهات الصارخة.
وأقول للمعارضين المعترضين:
ألا يكفيكم هذه السنوات التي كان حصادها (ما تعلمون) ألم تؤلمكم آهات وصرخات المعذبين داخل الزنازين، ألا تشعرون بواجب تجاههم، ألا يمكنكم المساعدة في التخفيف عنهم.
وأقول المؤيدين للسلطة ومعارضين لهذه المبادرة:
ألا يكفيكم كل هذا القدر الانتقام؟ من أي شيء تخشون؟ لا يوجد معارضة تهدد استمرار أو استقرار الوضع الحالي.
وأقول لنفسي وللجميع: إن مصلحة مصر فوق الجميع (مصر شعبا وارضا ومصالح الأجيال الحالية والقادمة من أبناء شعبها) فالحكام والزعماء والجماعات وأحزاب تزول ويبقى الوطن، فلابد من تقديم صالح الوطن على مصالح الأشخاص والجماعات
الله أسأل أن يحفظنا، ويحفظ مصر، واهلها، من كل مكروه وسوء.