بقلم: الشيخ إسماعيل أحمد محمد
كانت خلايا جسمي في حالة استرخاء ككل صباح في ذلك اليوم وانشغلت لأعضائي بوظائفها الحيوية حين تسلل ذلك الكائن الغريب، إذ لم يجد من يستوقفه لدى دخوله ولا من يتحقق من هويته ولم يسأله أحد من أين جاء وماذا يريد؟ وحين وجد ذلك الأجنبي الأوضاع هادئة تسلل في هدوء إلى حيث يريد.
كان من الممكن أن تنتبه له أجهزة الرصد الطبيعية في جسمي وتوقفه منذ اللجظة الأولى لولا أصوات عديدة كانت تتسلل لمسامعي فحواها أننا المصريين اعتادت أمعاؤنا الطعام الملوث فلا خوف علينا ولا يمكن أن نضار يهذا الفيروس، فخفتت مشاعر التوجس بدرجة أكبر مما ينبغي، وكان بمقدور كريات الدم البيضاء أن تتكاثر عليه وتكبله منذ الساعة الأولى لكن أصواتا بداخلي مجهولة المصدر سفهت فكرة المقاومة، وقد صار في جسمي أصوات مجهولة منذ زمن بعيد واوهمني شيطاني أنها مجرد.. وساوس ونزوات مكبوتة وأنها لا تضر بشيء طالما لم تصدقها جوارحي.
وتناسيت وصاياي الأزلية بضرورة ملازمة الوضوء والمضمضة وتجاهلت أسباب تقوية المناعة في مداومة الصوم والإكثار من الحبة السوداء والعسل، وصرت “أصدقهم” بفاعلية العقاقير الحديثة وعدم جدوى الوصفات الرجعية المتخلفة.
لم يكن بجسمي آنئذٍ أجهزة مخابرات تكشف لي أن بعض خلاياي وجد منفعته وسبوبة عيشه عندهم من خلال التعاون مع ذاك الفيروس ومن وراء الفيروس، ولم أكن سمعت أنهم تعهدوا لهم بأن يمنعوا عني كل وسائل المقاومة وأن يحولوا بكل سبيل بيني وبين مصادر قوتي، واستطاعت تلك الخلايا أن تثبت في مسامعي نغمة مكررة تبعث في نفسي الخدر والنعاس وتمكنت من التسلل لأعصاب التلذذ فأنهكتها وتمادت في تنشيطها ليل نهار، ونجحت في تخييل الفيروس كأنه كريات بيضاء وصارت معظم خلاياي ترى الكريات البيضاء فتظنها الفيروس وقيل بأنه قادر على التشكل والتحور وفي خلال ساعات تدمرت كل خلاياي الفعالة فنزفتها حمراء وبيضاء وتشبث الفيروس بحنجرتي فخرج صوتي بلكنة أجنبية.