القائمة إغلاق

ثورة 25 يناير ورسائل صادمة

بقلم/ أ. سيدفرج

ثورة 25 يناير، في ذكراها العاشرة، ترسل رسائلها، لمن يتحدثون عنها بالسلب أو الإيجاب، ولكنها رسائل صادمة لهم، لأنها تخبرهم، بشكل واضح عن رأيها، في مواقفهم منها، وآرائهم فيها.

الرسالة الأولي: إلى من يقولون أن ثورة يناير، مستمرة، حية، باقية، مازالت تنبض.

تقول لهم: إنكم تتحدثون عن ضيف حل فارتحل، فقد جاءت الثورة ورحل زخمها، ولم يتبق منها إلا ذكراها، بدليل أنكم تتحدثون عن ذكراها، وما حدث فيها ولها، فلا تبيعوا الوهم، ولا تغيبوا الوعي.

الرسالة الثانية: إلى من يقولون إن الثورة ماتت ولن تعود مرة أخرى.

تقول لهم: إن ثورة يناير انتهت حقاً، ولكن الثورات تصنع لأن الثورات تقوم وتشتعل بالشعوب، كما قامت الثورات المصرية، ضد المحتلين والغزاة، والشعب لم يمت، إذن فهو يمكن أن يثور في أي يوم من الأيام، فالدول والشعوب تصنع ثورات عقب ثورات.

الرسالة الثالثة: إلى من يقولون إن ثورة يناير فشلت ولم تحقق أهدافها فلا تحلموا بثورة أخرى لأنها سوف تفشل كما فشلت يناير.

تقول لهم: نعم ثورة يناير فشلت، ولم تحقق أهدافها، ولكنها تركت إرثاً من الفهم الصحيح للأجيال الحالية والقادمة، يصعب معه أن تفشل ثورة تشتعل في مصر مرة أخرى للشعب.

فعندما يقوم الشعب بثورته، وينتفض……

فلن يترك ثورته، لقيادة جماعة إسلامية، أو غير اسلامية، لا تدرك الواقع، ولا كيفية التعامل معه، ولا يهمها إلا ما يوافق أهواء قادتها، المعزولين عن واقع هذه الثورة.

فلن يترك ثورته، لقيادة أشخاص أو مجموعات أو أحزاب، لها أجندات خارجية غربية، أو شرقية، تحت دعوى الإنقاذ، أو تطبيق الليبرالية.

ولن يترك ثورته، لقيادة شخص، أو أشخاص، من الثورة المضادة، يخدعونه بخلفيتهم الدينية، أوالعسكرية أو الأمنية، أو السياسية، أو مكانتهم المؤسسية.

ولن يترك ثورته، لدعاة، هواة في السياسية وإدارة شئون الحكم، فيخدعونه بفصاحة اللسان، وقوة البيان.

ولن يترك ثورته، لشباب غير ناضج، لا يعرف الفرق بين بناء الدولة، بين  مسارها، وبين دعوات العنف، والتخريب، وهدم الدولة، ولا يعرف الفرق بين توحيد صفوف مكونات الوطن، وبين إغراقه في حروب أهلية، أو تقسيم الوطن وتقزيمه.

ولن يترك ثورته، لدعوات الانتقام، والاحتراب، والتقسيم، والانتقاص، والتمييز من أو بين أبناء الوطن.

وفي الختام :

في ذكرى الثورة العظيمة، التي عطرت جسد الوطن، برائحة الحرية، ومسحت وجهه بماء الكرامة، وغرست في يقين من عاشها جذور الثقة والأمل في التغيير وتداول السلطة السلمي.

ففي ذكرى الثورة التي كانت، (كانت ثورة) وأضاعها الطامعون، وأفشلها المستبدون، نقول:

إن بلادنا في أشد الحاجة إلى التغيير، والإصلاح، سواء عن طريق الثورة السلمية، التي تبني، ولا تهدم، توحد، ولا تفرق، تعفو، ولا تنتقم، تعدل ولا تظلم، تحكم بالشريعة العادلة، لا بشريعة الغاب أو شريعة الأهواء.

إن شعبنا يتوق، إلى بناء الدولة المصرية، لكي ينعم شعبها، بكل ما ينعم به أبناء الدول المتقدمة، والمتحضرة، من تقدم، ورفاهية، وكرامة، وحرية، ومشاركة سياسية، وتداول سلطة، بشكل سلمي، وسلس، ومتعارف عليه، وقانوني.

إننا في أشد الحاجة، إلى رؤية مصر دولة، تملك قرارها السياسي الداخلي، والخارجي، وتحافظ على مصالحها الوطنية في البر والبحر والنيل، وتتبوأ مكانتها الحقيقية، في الإقليم، والعالم، تصنع سلاحها، ودوائها، وتزرع غذاءها، وتتصدر دول العالم في جودة التعليم، والخدمات الصحية، وتنافس الدول الكبرى في كل المجالات .

إننا في أشد الحاجة، إلى أن ينعم جميع أبناء هذا الوطن، باختلاف انتماءاتهم السياسية، والدينية، والوظيفية، والفكرية، بالأمن، والعدل، والحرية، والمساواة.

إننا في أشد الحاجة، إلى أن نتوافق، ونتقارب، ونتحاور، بهدف مستقبل أفضل لأبنائنا والأجيال القادمة.

كل هذا يحتاج إلى ثورة سلمية، تبني ولا تهدم، أو إصلاح داخلي، بيد شرفاء هذا الوطن، داخل المؤسسات، وخارجها، ولابد أن يأتي أحدهما قبل الآخر، أو يقبلا معاً، لنتذكر ثورة يناير بالخير، كما يتذكر الشعب المصري، ثوراته الماضية بالخير.

اللهم احفظ مصر وأهلها من كل شر.

التعليقات

موضوعات ذات صلة