بقلم/ أ. سيد فرج
فرح المستبدون وأنصارهم وأقزامهم بمشهد اقتحام الكونجرس، مهللين قائلين ها هي أمريكا قلعة الديمقراطية والحرية، تتمرد وتنقلب على نتائج الانتخابات، فاليوم بداية عهد جديد سوف يعمم الاستبداد ويرتفع شأن الدكتاتوريات.
بينما احتوى الإحباط أنصار الديمقراطية (أنصار التغيير السلمي، وتداول السلطة بآليات ديمقراطية) قائلين: من سيدافع عن الديمقراطية؟ من سينتصر للحريات ولو حتى بشكل صوري؟
نعم اندهش كثير من المتابعين لمشهد اقتحام الكونجرس، وتناوله النقاد والساسة، من زوايا عديدة، بشكل موضوعي أو غير موضوعي .
ولكنني على المستوى الشخصي، عندما أعلن ترمب عن دعوته للتظاهر يوم إقرار نتيجة الانتخابات، صرحت لمقربين حولي عندما سئلت عن ما هو متوقع عقب هذه الدعوة فقلت:
سوف يقوم ترمب بشئ غير متوقع، ولكنه سوف يخرج من الرئاسة، بشكل غير مشرف له، وسيأثر على مستقبله السياسي، لفترة زمنية طويلة، وسيقضي على حلمه في الفوز بانتخابات 2024، ويمكن أن يمنع ترشحه من قبل الحزب الجمهوري.
وأرجح هنا أن يتم محاكمة ترمب في مجلس الشيوخ، وحرمانه من الترشح للرئاسة مرة أخرى.
والآن نناقش ما هو أثر اقتحام الكونجرس على السياسة الخارجية الأمريكية، وهل يرتعد المستبدون ؟
إن اقتحام الكونجرس بهذه الطريقة، أحدث تشوها في وجه الديمقراطية الأمريكية، وألقى ظلال الشك حول قناعة المؤسسات الأمريكية بالديمقراطية، وفي هذه الحالة فرض على المؤسسات الأمريكية طريقا لا مفر منه، وهو حتمية تبني سياسات خارجية تزيل التشوه.. والشك، وترمم وتجمل وجه الديمقراطية الأمريكية.
لذلك أتصور، أن تغير الإدارة الأمريكية (الديمقراطية) سياستها الخارجية من التحلي والتغني بالديمقراطية، ومناصرة حقوق الانسان وابتزاز المستبدين، إلى (((محاولة))) تبني نشر الديمقراطية، والدفاع عن حقوق الانسان، لتصحيح صورة أمريكا أمام العالم، فلن نجد ترحيبا واضحا أو حفاوة بالغة بالديكتاتورين، إلا ما تضطر له الإدارة الأمريكية.
وعلى ما تقدم:
سيكون اقتحام الكونجرس دافعا وضاغطا على الإدارة الأمريكية، لكي تنحت سياسة خارجية، تنأى بها عن مساندة الانقلابات والدكتاتوريات، حتى تزيل التشوهات، من على وجه الديمقراطية الأمريكية، على الأقل في المرحلة الحالية والقادمة، لذلك ستكون سياسة الولايات المتحدة، أكثر حزما، وتحفظا، في مواجهة الاستبداد وانتهاك حقوق الانسان.
ولكن بالتأكيد لا أذهب بعيدا وأقول: أن أمريكا سوف تناصر الحريات، وتسقط الدكتاتوريات، وتدعم الشعوب المستضعفة، فالسياسة الخارجية للولايات المتحدة تهدف إلى تحقيق المصالح الأمريكية، حتى وإن حققها المستبدون.
ولكن ما أذهب إليه هو أن المستبدين سوف يشعرون بكثير من القلق، والحرج، والخوف، ويتحسسون خطواتهم.
أما استمرارهم في الاستبداد من عدمه، فهو بيد الله تعالى، ثم بإرادة شعوبهم التي إذا رغبت في الحرية فلن يمنعها أحد.
اللهم احفظ مصرنا وأهلها من كل شر، وانتقم ممن أرادها وأهلها بشر.