خواطر بقلم: خديجة نوح
في مسجدنا عجوز انحنى ظهرها وضعف بصرها وسمعها لكن نشيطة جدا.. ما دخلت المسجد مرة إلا ورأيتها إما تقوم بتنظيف المسجد أو تعبد ربها ما بين ذكر وصلاة.. لديها مسبحة طويلة جدا كونتها من عدة مسابح قصيرة.. ولديها صندوق مسابح بنفس طول مسبحتها وأقل منها.. توزع منها على المصليات فور انتهاء الصلاة.
بداية معرفتي بها كانت في صلاة التهجد في رمضان كنا نصلي سويا خلف الإمام وربما تأتي واحدة أو أكثر معنا.. كثيرا أجدها مرهقة كنت أخاف جدا أن يُغمى عليها أو تموت ونحن بمفردنا.. كنت أفكر ماذا سأفعل يا ربي وأنا لا أعلم سوى كُنيتها؟! أنظر إليها في آخر يوم ونفسي تردد هل أراكِ العام القادم؟
تبدأ صلاتها واقفة متكئة على عكازها فإذا أرهقها الوقوف جلست على الكرسي وربما تعود للوقوف قبل أن يركع الإمام..
في رمضان السابق في تهجد إحدى لياليه العشر المباركة صلينا أربع ركعات ثم جلسنا جلسة قصيرة فإذ بها تقول لرفيقتها بلغتها البسيطة “أيشهد لي عكازي عند ربي؟!”.. لم تسمعها رفيقتها وكنت بجوارها فتبسمت وقلت “نعم يشهد لكِ”
مر رمضان ولازال سؤالها يؤرقني وصداه يتردد في أذني وقلبي وأقول لنفسي.. ماذا سيشهد لكِ يا خديجة عند ربك وأنت قد آتاكِ الله ما لم يؤتها؟ هي أمية تعبد ربها بفطرتها وقليل مما عُلمت.. وظني أن ربي سيغفر لها جهلها…!!، وأنتِ يا خديجة تعرفين من العلم أكثر مما تعلم وتعرفين كيف تتعلمين المزيد وها أنت تطبقين القليل.. ويحك يا خديجة غلبتك عجوز المسجد!!