القائمة إغلاق

أخطاء منهجية في ورقة المراجعات الفكرية وأمل المعتقلين في السجون المصرية

الباحث: الأستاذ عصمت الصاوي

مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية

وحدة الشئون الإسلامية

نشر المعهد المصري للدراسات ورقة بحثية بعنوان المراجعات الفكرية هل تكون أمل المعتقلين في السجون المصرية؟؟ شارك في إعدادها كلا من:- محمد إلهامي، أحمد مولانا, أحمد  الأزهري ، علاء عادل، جاءت الورقة لتناقش تجربة الجماعة الإسلامية في مصر حيث سيفيد التعرف على ملامحها وسياقاتها وظروفها في بناء تصور واقعي حول المشاريع الشبيهة المطروحة حالياً كما قال الباحثون
فالورقة تخاطب الأخوان المسلمين ابتداء لتضع أمامهم تصور واقعي عن المبادرات والمراجعات للوقوف علي جدوي تكرار التجربة أو الكف عنها ، ويبدو الباحثون كمن يحملون أجندة مسبقة تتعلق برفض فكرة قيام الإخوان المسلمين بأي مراجعات ولذا جاءت الورقة في مجملها تهدف إلي تشويه مبدأ وفكرة المراجعات من حيث الأصل مع الإسقاط علي تجربة الجماعة الإسلامية كما جاءت تحمل جملة من الأخطاء المنهجية التي من غير الممكن أن تصدر عن الباحثين المشاركين في إعدادها إذ هم أصحاب سبق في إنتاج أوراق تعتمد منهجية حقيقية.. ولهذا فإن تعليقنا على هذا البحث هو من باب حرصنا على توضيح حقائق كثيرة أغفلها الباحثون وتوضيح جانبا من الأخطاء المنهجية التي كنا نتمنى ألا يقعوا فيها حرصا على مستقبلهم البحثي.. ثم نختم بما استخلصناه من دوافع البحث وأهدافه وهل أصابت الهدف؟ 

أولا :- استخدام كلمات غير مناسبة في البحث الأكاديمي مثل 
(التخلي – التوبة الجماعية – التوبة الي الدولة – التتويب السياسي – التتويب الجماعي – التراجعات  – متي تقبل الدولة التوبة – التأديب والإذلال – سلسلة التنازلات – سلم التنازلات – الإخوة المتراجعين – ………… ) هذه الكلمات حين تقال في بحث أكاديمي في مرحلة متقدمة من البحث مع التأكيد علي تلك المصطلحات في كل فقرة تقريبا لا توحي بحيادية البحث ورغبته في الوصول بالقارئ الي الحقيقة المجردة واستنتاج ما يفيد التجارب الشبيهة كما زعم الباحثون في صدر الورقة ،إنما توحي بمحاولة أخذ القارئ نحو وجهة محددة ولو بالتدليس عليه بدس هذه المصطلحات في بحث يبدو من سياقه أنه يحمل الطابع الاكاديمي بمراجع وصلت الي 114 مرجع في محاولة غير بريئة للترويج لوجهة نظر اعتمدوها بعيدا عن هذا البحث ،فهذه المصطلحات تمثل الحكم المسبق علي التجربة قبل عرض ومناقشة المطروح  وتخرج بالورقة من حيز البحث الاكاديمي المحترم الي دائرة الإساءة السياسية غير المبررة ولا سيما أن الواقع المحيط بالباحثين والممتلئ بالمعارضين من أبناء الجماعة الإسلامية بالخارج والداخل يكذب الادعاءات التي تبنوها بلا أدني مجهود. 

ثانيا :- الخلط المتعمد بين مفاهيم المراجعة والتراجع 
فالباحث الذي عاب في نهاية ورقته على الباحثين الغربيين الذين لم يحرروا مصطلح الإرهاب مما أدي للخلط في التعامل مع المصطلح، لا يمكن أن يكون فاته تحرير مصطلحات المراجعة والتراجع مما يرجح تعمده الخلط بين المصطلحين وهو خطأ منهجي لا يمكن التغافل عنه إذ هذه الطريقة من شأنها تشويه المصطلح وإدخاله في قائمة المصطلحات سيئة السمعة ومن ثم التشويه المتعمد للتجربة بكليتها ومن ثم تشويه أصحابها برغم أن مصطلح المراجعة ومضمونه له جذور عميقة في تراثنا الإسلامي بل وأدبيات الثقافات الحية في العالم والتي تعتمد النقد الذاتي.

فالباحث يقول في إحدى فقرات الخلط المتعددة (فما يهمنا في هذا السياق هو أن عملية المراجعات الفكرية التي تحاول الدولة إرغام خصومها عليها، ليس فقط بمنطق القهر بل بمنطق التأديب والتربية وإعادة التأهيل) ويقول في موضع أخر (لئن كانت مراجعات الجماعة الإسلامية فصلا من عمليات تتويب الدولة الحديثة لمواطنيها، وإعادة تشكيلهم ليكونوا مواطنين صالحين …)
ولا يفوت أصغر الباحثين في علم السياسة أن النص السابق يقصد به التراجعات وليس المراجعات ولكن الباحث يتعمد الخلط لتشويه المصطلح
فالمراجعات هي عملية حيوية داخل الكيان تتم بعد إنجاز مراحل من التقييم والنقد الذاتي تهدف إلى التثبت من صحة الممارسات قياسا على مدى التزامها بالمنهج المتبع بل ومدى تطابقها مع الخطة الاستراتيجية ومدى تحقيق الأهداف ويدخل في ذلك مدى دقة انطباق الأحكام وتنزيلها على الواقع، وهي تخضع لمعايير الشرع وتنضبط بأحكامه.

بينما التراجعات هي زيغ القلب واتباع الهوى وزعزعة ثوابت الدين والقيم والمبادئ والتحلل منها والانقلاب عليها دون مستند من فتوي أو مرجع من دين ولا مكان فيها للإرادة الذاتية ولا لضوابط الشرع وأحكامه ولا مكان للنقد ولا التقييم ولا المناقشة والحوار والإقناع وإنما هي تنازلات وإملاءات المغلوب للغالب.  
وأبين الفروق بين المصطلحين هو أن المراجعات تمثل تصحيح المسار لإنجاح مشروع التغيير الذي تستهدفه الحركة بينما التراجعات تمثل التنازل عن المشروع بالكلية وقد تصل إلى حد الاندماج في المشروع الأخر.
والفرق بين المصطلحين وموقف الجماعة الإسلامية منهما أبين من الشمس في وضح النهار، ولكن البحث دلس على القارئ بالخلط المتعمد بين المفهومين كما قال الشاعر قديما ” قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد.. وينكر الفم طعم الماء من سقم”


ثالثا :- الباحث أهمل معايير الحكم المنهجية علي المراجعات واحتكم الي معايير الحكم علي التراجعات 
لم يعرض الباحث المراجعات علي معايير منهجية للحكم علي صحتها أو عوارها وحتي أنه شكك في تقارير الأزهر المتعلقة بكتب المبادرة واعتبرها إملاءات من الدولة لشرعنة المراجعات واضفاء الصبغة الدينية عليها لتمريرها ونشرها ، وكان الأولي بالباحث أن يعرض الجزء الشرعي من المراجعات علي معايير الشريعة ونصوصها الحاكمة فهي المعايير المنهجية الوحيدة القادرة علي الحكم علي صحة المراجعات أو خطئها ومن ثم صحة تقارير الأزهر أو خطئها ،وعلي رأس هذه المعايير علي سبيل المثال لا الحصر مدي اتساق المراجعات او اختلافها مع النصوص الشرعية الحاكمة، ومدي صحة تنزيل تلك المراجعات علي واقع البلاد والامة ، ولكن الباحث الذي لا يفرق بين المراجعات والتراجعات قفز علي المعايير المنهجية للحكم علي المراجعات واحتكم إلي معايير الحكم علي التراجعات فصارت المعايير المعتبرة لدية هي البيئة المحيطة بالمراجعات وبرامج الدولة للإخضاع والتتويب.

رابعا :- عدم منهجية البحث في العرض وتبنيه لصحة فرضيتة قبل اكتمال جوانب البحث فيها 
اتسم البحث بعدم المنهجية وانعدام الأمانة في العرض حتى أنه اعتمد إبراز العوامل المساعدة علي صحة فرضيته وأهمل العوامل المضادة ومثال ذلك    
احتكم الباحث إلي قدرة الدولة الإله على تركيع المخالفين وإخضاعهم إلي عملية التتويب الجماعي واعتبرها مؤكدة النتائج مضمونة التأثير للتدليل علي صدق منطقه وخرج باستنتاج أن الجماعة الإسلامية تأثرت ببرامج الإخضاع وقدمت التراجعات، واختار لذلك معياريين أحدهما هو البيئة المحيطة فاعتبر أن المراجعات طالما تمت في السجون فهي تراجعات تمت لصالح النظام وهو خطأ منهجي كبير، فالظروف المحيطة لا تعدو أن تكون أحد العوامل المؤثرة في الحكم في حال انحراف المراجعات شرعيا أو واقعيا
والمعيار الثاني هو برامج الدولة للإخضاع والتركيع والذي اعتبره الباحث هو العامل الأهم في عملية التتويب فاعتبر أن استهداف الجماعة ببرامج التعذيب الممنهج والعزل والتضييق والتصفية هو أهم العوامل التي أنتجت المراجعات ، في خلط متعمد بين المعايير الحاكمة علي المنتج وبين الظروف المحيطة به ، كما أن الكاتب في المقابل بحث أحد جوانب الظاهرة وهي برامج الدولة للإخضاع وأغفل الجانب الأهم للظاهرة وهي البرامج التربوية والعلمية والسياسية والثقافية المضادة التي ارتكز عليها قادة الجماعة بحزم شديد داخل المعتقلات لتفريغ الإجراءات القمعية من محتواها وأثرها مما أفشل خطط وبرامج الإخضاع ومكن الأفراد والقادة من الصمود الاجتماعي والسياسي الطويل داخل المعتقلات ،وأمثلة تلك البرامج شديدة الحزم داخل المعتقلات برنامج التكافل الاجتماعي بين المعتقلين الذي أفرز أخوة حقيقية وإيثار منقطع النظير في مجتمع السجون وكذا الحلقات التربوية والعلمية وبرامج الإذاعة والمسابقات الدورية وحلقات تحفيظ القرأن الكريم والسنة النبوية وصلاة الجمع والجماعات واختيار منهج للفتوي يناسب الواقع المعاش وغيرها من البرامج التي أفشلت برامج التركيع والإخضاع ، وفي مقابلة لي مع الشيخ محمد عمر عبد الرحمن وقد سجن في السجون التابعة للأمريكان في أفغانستان ذكر أنه خضع لتلك البرامج التي كانت تمنعه من النوم وتعرضه للإنهاك البدني والنفسي وبعد مرور بضعة أشهر جاء المحقق الأمريكي للتحقيق معه فوجده صافي الذهن لديه تركيز عقلي كبير فتعجب المحقق وتشكك في خضوعه لبرنامج السجن والمدة الزمنية التي قضاها تحت تأثير برامجهم  وفي النهاية قال من المفترض أن تكون علي غير هذه الحالة وأصر علي معرفة البرنامج اليومي للشيخ فأفاده الشيخ بقوله أقرأ القرأن الكريم وأداوم علي مراجعته ، هذه البرامج المضادة التي لا يعيها الباحث ووصف أصحابها بالمتراجعين هي التي أفشلت خطط وبرامج التركيع ، ومن أمثلة فشل برامج الإخضاع أمام برامج التربية (فشل ملف اقرارات التوبة والتي عرضت علي أبناء الجماعة بعد أكثر من عشر سنوات اعتقال حتي رفضها الأحداث من أبناء الجماعة قبل قادتها وكوادرها وقد كانت هي الأسهل في التراجع لو كانت برامج الإخضاع أتت بثمارها – فشل ملف التوظيف والعمالة والتجنيد داخل صفوف الحركة – فشل ملف التأثير علي أسر المعتقلين والاستمرار في دعمهم إلي أبعد مدي ………… ) 
كما أن تتبع الجانب السلوكي والنفسي للمعتقلين والمحكومين من أبناء الجماعة الإسلامية يخالف ما ذهب اليه الباحث من تعرضهم للانهزام النفسي وإصابتهم باليأس والإحباط فالغالبية استثمرت الوقت في الحصول على الشهادات الجامعية خلافا للدراسات العليا والدكتوراه بل وأصبح منهم قادة انخرطوا في العمل السياسي والدعوي والاجتماعي والجماهيري بعد خروجهم من المعتقلات.
وذلك يجعل التفسير الغربي لبرامج الإخضاع محل نظر وهو ما أظهر عدم منهجية الكاتب في العرض وتبنية لفرضية دون اكتمال جوانب البحث فيها

خامسا : النفاق السياسي وانعدام الحياد  
من أخطر الأخطاء المنهجية في البحوث الأكاديمية هو الوقوع في فخ النفاق السياسي فهو يخرج الباحث عن الحيادية في العرض والاستنتاج فنجد الباحث علي سبيل المثال يُعرض بالجماعة الإسلامية في مقابل الإخوان المسلمين فيقول: 
” تتمثل قيمة تنظيرات صلاح نصر في أنها لم تظل حبيسة الكتب، إنما طُبقت عمليا على عناصر جماعة الإخوان المسلمين داخل السجون، وبالأخص في قضية تنظيم 1965 والمشهورة باسم قضية تنظيم “سيد قطب”. وقد حققت هذه التجربة نتائج إيجابية في أوساط العديد من الكوادر المتوسطة والصغرى من عناصر التنظيم، بينما فشلت في تطويع معظم الرموز وقيادات الصف الأول، أما تجربة التتويب الأبرز، فهي التي حدثت للجماعة الإسلامية خلال عهد “مبارك”
فالباحث يقول أن عملية التطويع أثرت في العديد من الكوادر الوسطي والصغرى في تنظيم الإخوان وفشلت مع القيادات بينما نجحت بشكل جماعي في حالة الجماعة الإسلامية وكان الأولي بالباحث لو أنصف، كما استثني قيادات الإخوان في جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب ولا ضرورة لذكرها في مجمل بحث لا يتناول الإخوان بالأصالة، كان الأولي أن يستثني قيادات الجماعة الذين زعم هو أنهم رافضين للمراجعات وخاصة أن البحث يتناولهم بالأصالة دون غيرهم.


سادسا : واقع الجماعة يتعارض مع ادعاء الباحثين 
اذا كانت الجماعة الإسلامية قد تم ترتيبها ودخلت في أحضان الدولة الإله وقدمت التراجعات كما يزعم الباحثون فلماذا استغرق خروج قادتها أكثر من عشر سنوات منذ تفعيل المبادرة في 2001 وحتي خروج أخر عناصرها في 2011 ثم لماذا لم يسمح لها بتأسيس حزب سياسي أو حتي جمعية خيرية أو حتي العودة إلي المساجد في عهد مبارك ،ولماذا رفضت إدارة مبارك رفع اسم الجماعة من قوائم الإرهاب الأمريكية رغم العرض الأمريكي بذلك  ، ثم لماذا شاركت الجماعة في ثورة 25 يناير إذا كانت قناعاتها تغيرت كما يزعم الباحثون ولماذا رُفض تأسيس حزبها بعد الثورة قبل أن يحصل على حكم قصائي من الإدارية العليا وهو ما لم يتعرض له حزب إسلامي أخر ثم لماذا رفضت الانقلاب في 2013 ولماذا شاركت في رابعة العدوية ولماذا استشهد العديد من أبنائها هناك واستشهد رئيس مجلس شوراها وغيره من القيادات في السجون واعتقل وحوكم غيرهم وغيرهم ولماذا المطاردين والفارين في كل أصقاع الأرض ولماذا وضعت والعديد من كوادرها علي قوائم الإرهاب المصرية ولماذا يراد حل حزبها ولماذا قامت الأجهزة الأمنية ما ببناء ما سمي بتمرد الجماعة الإسلامية لتوظيفه في تشويه الجماعة وقادتها واعتبارهم خارجين علي النظام والقائمة تطول أمام الباحثين الذين يزعمون خضوع الجماعة لعملية التتويب الجماعي. 

سابعا : التفسير الغربي لفكرة المراجعات لا يتفق مع واقع التجربة الإسلامية  
-التفسير الغربي للمراجعات باعتبارها توبة للدولة الإله هو تفسير قاصر أكاديميا لأنه ينفي وجود مراجعات ذاتية ويعتبر كل مراجعة تراجع ولكن الباحث دعم رؤيته وحشد أقوال الغربيين ليؤكد أن عملية المراجعات هي بمثابة عملية تتويب جماعي تقوم بها الدولة الحديثة لتركيع مخالفيها وإدخالهم حظيرة الطاعة وهذه الرؤية لا يصح أن تكون مطلقة علي المستوي المنهجي إذ أنها تنفي إمكانية حدوث مراجعات حقيقية دون التأثر بضغوطات الدولة وهذا ما نفته دراسات غربية أخري تناولت تجربة الجماعة الإسلامية بالبحث والتحليل لتعارض رؤية الباحث وتؤكد أن المراجعات كانت تجربة ذاتية وأن النظام استفاد من ثمارها وحسب كما نقل البحث نفسه بقوله:
“ومع ذلك فقد لاحظت بعض الدراسات الغربية إلى أن تجربة المراجعة لم تكن نجاحا حكوميا، وإنما كانت بمثابة الفرصة التي وجدتها الحكومية كثمرة ناضجة فتعاملت معها بسياسة “توجيه المسار” لتحقق أهدافها، كما في التقرير الذي نشره المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي ICSR (2012م)، حيث لم يكن للحكومة قصب السبق في هذه “الإصلاحات” إلا أنها لعبت دوراً مهماً في تسهيل نشر المراجعات”
ولكن الباحث يعود ويشكك في دراسة (icsr) في تخبط واضح ليؤكد علي رؤيته الأولي ويقول:
“ومن نافلة القول أن الدراسات الصادرة عن المراكز البحثية الغربية، حتى لو كتبها باحثون عرب أو مسلمون يمثلون في الواقع النموذج الجديد للمستشرق بعد خضوعه لعملية العولمة وذوبانه في الثقافة الغالبة، إنما تقصد إلى إنهاء الجماعات الإسلامية بوسائل أكثر احترافية ونعومة وأقل فجاجة وخشونة”
ويكأن هذا القول ينطبق على دراسة (icsr) ولا ينطبق على المصادرة الغربية الأخرى التي بني عليها معتقده بشكل حرفي حذو القذة بالقذة.
-كما أنه في موضع أخر .يقول ” ويمكن القول بأن الدراسة الأمنية التي صدرت عن وزارة الداخلية المصرية استهدفت تحويل الطاقة الإسلامية من جهادية إلى سياسية، وهي في هذا تتفق مع ما تنصح به بعض الدراسات الغربية في توجيه تعامل الأجهزة الأمنية في البلدان العربية مع حركات التيار الجهادي لتحويله إلى تيار سياسي ” وهذه الرؤية أيضا محل نظر سواء في الداخل المحلي أو الخارج الغربي فالتيار الإسلامي غير مسموح له بممارسة العمل السياسي علي أي مستوي وبدعم وتأييد غربي لا تخطئه العين.. كما أن المنطق الذي نحى إليه الباحثون يعرض بالإسلاميين العاملين في المجال السياسي وكأنهم مستأنسون أو خاضعين للعمل ضمن الوظيفة التي وضعتهم بها الدراسات الغربية ومن باب أولى فهم لا يمتلكون مشروعا للتغيير وهو تجني واضح على قطاعات عريضة من التجربة الإسلامية المعاصرة سواء كانت في الحكم تعمل وفق موازناته وقيوده الدولية أو في المعارضة تستثمر المساحات الضئيلة المتاحة لصالح مشروعها. 

ثامنا : فرضيات الباحث الخاطئة جعلته يناقض مبادئه
انطلق الباحث من فرضية خاطئة عن المنهج الذي تأسست عليه الجماعة، فهو يعتبر أن الجهاد في منهج الجماعة هو غاية في حد ذاته وأن الجماعة كانت تقاتل من أجل القتال وأن منهج التغيير لدي الجماعة يرتكز على الخروج المسلح علي الحاكم عبر المواجهات المسلحة المفتوحة، وبالتالي فهو يري أن تغير المفاهيم حول هذه المنطلقات يعد تراجعا عن المنهج.
ولو سلمنا جدلا بصحة تلك الفرضيات فلنا أن نتسائل.. هل يعني هذا النقد أن البحث يدعم منهجية الخروج المسلح علي الحاكم كوسيلة للتغيير؟ تتبع البحث يدعم الإجابة بنعم على هذا التساؤل حيث يشن الباحثون هجوما كاسحا علي الجماعة بسبب تعديل منهج التغيير لديها من الخروج المسلح (وفق زعم الباحث) إلي التغيير السلمي مما يشعر القارئ بأن الأصوب للجماعة كان هو الاستمرار في الخروج المسلح والمواجهات المفتوحة ولو بعدم توقع نتائج.
ولكن الأعجب من ذلك أن تتبع مقالات الباحثين وسيرتهم ينبئك عن مناهجهم السلمية في التغيير مما يتوافق مع ما ذهبت إليه الجماعة في المراجعات ولكن الباحثون ناقضوا مناهجهم فبدلا من أن يدعموا المنهج السلمي في التغيير الذي آلت إليه الجماعة عبر المراجعات، الذي هو في الأصل يتوافق مع مناهجهم إذ بهم يهاجموه ولا يوجد هدف سوي تشويه فكرة المراجعات في حد ذاتها في هذا التوقيت بالذات.
أما عن منهج الجماعة فقد تأسس علي الفهم الشمولي للإسلام بفهم علماء الأمة الثقات ومن داخل هذا الفهم تقييم الأعمال وعرضها علي الشرع في دورة مستمرة وقد أصدر مركز حريات منذ عامين إصدارا هاما عن التحول من ساحات الصدام الي منابر السياسة وجاء في مقدمته:-
نشأت الجماعة الإسلامية كحركة دعوية إصلاحية وكان حمل السلاح واستخدام العنف في فترة زمنية محدودة هو استثناء مكروه طارئ فرضته الضرورة الظرفية حيث المناخ الاستبدادي وإرهاب الدولة وغلق منافذ العمل السياسي والمجال العام أمام الحركات ذات المرجعية الإسلامية كل ذلك حول الحالة الإسلامية من المعارضة الي الصدام ثم انتهاج العنف والتأسيس له كما أن اعتقال وتغييب القادة المؤسسين القادرين علي تفهم الأحكام الشرعية وضبطها بميزان الملائمة مع الواقع أنتج قيادات ميدانية انحرفت عن المنهج الأصلي جراء العنف المفرط للدولة وغلق كل أبواب العمل المجتمعي وسد كل افاق الحلول السلمية ومع مداومة النظر في حركة الجماعة تبين لدي القادة التاريخيون ان هناك ممارسات خاطئة لأحكام صحيحة وهناك فهما خاطئا لأحكام شرعية ثابته وهناك خلل في ضبط عملية تنزيل الأحكام الفقهية والشرعية علي الواقع المعاش وهناك أحكام شرعية ظهر مسيس الحاجة لها يجب استكمال توضيحها لأنها لم تأخذ حقها من الطرح داخل الجماعة وطرأ علي الحركة ضرورة العمل بها وسرعان ما راجعت الجماعة هذا الموقف الاستثنائي وقامت بعملية نقد وتقييم ذاتي واسع النطاق قادها الي العمل علي وقف الاحتراب الداخلي عبر العديد من المحاولات التي لم يكتب لها النجاح تارة ولم تستجب لها الدولة تارات أخري حتي قرر القادة التاريخيون في الخامس من يوليو 1997 إطلاق مبادرة وقف العنف من طرف واحد وعلي أثر إطلاق تلك المبادرة أوقفت الجماعة كافة العمليات القتالية وفككت المجموعات العسكرية التي نشأت على وقع الصدام وقامت بمراجعات فكرية كبري قادت الي إحداث تغيير بنيوي عاد بالجماعة الى منهجها الأصلي ورسالتها المجتمعية، هذه المراجعات دفعت الجماعة الي إطلاق سلسلة من المؤلفات والدراسات تحت عنوان تصحيح المفاهيم ولم تقتصر المؤلفات علي مجرد التأسيس الشرعي والمنهجي للمبادرة وإنما تجاوزتها وأرست منهجا جديدا في التفكير وأحيت فقه الواقع وفقه المآلات وأعادت للجماعة حيويتها بالنقد الذاتي وربط الأحكام الشرعية بالواقع الذي تعمل فيه.

تاسعا : سقوط الاستدلال بالورقة الأمنية في هذا السياق 
استدل البحث بالتقرير الأمني الصادر عن وزارة الداخلية بعد ثورة يناير في 2012  والتقرير يشير في مجملة أن الدولة كانت تمهد لتغيير أفكار الجماعة الإسلامية عبر مجموعة من السياسات التي انتهجتها الدولة وقادت في النهاية إلي المراجعات وتوابعها، وهذا التقرير محل نظر حيث لم تكن سياسة الدولة تجاه الجماعة الإسلامية في ذلك الوقت مبنية علي الحل السياسي أو التطويع بل كانت تهدف لتصفية الجماعة الإسلامية واستئصال وجودها كما جاء في البحث ذاته علي لسان بطرس غالي أن مبارك كان حريصا علي إتمام القضاء علي الجماعة الإسلامية بلا تردد رغم أن مركزه تأثر سلبا بالصدام مع الجماعة الإسلامية إضافة إلي رفض الدولة مرارا للتفاوض أو قبول الوساطة بشأن أبناء الجماعة ، أما سياسة الدولة آنذاك فقد ترجمها زكي بدر بقوله ” الضرب في سويداء القلب ” وهذا يتعارض مع الفكرة التي جاءت بها الورقة الأمنية، وهذا ما أكدته بعض الدراسات الغربية سالفة الذكر بقولها ” ومع ذلك فقد لاحظت بعض الدراسات الغربية إلى أن تجربة المراجعة لم تكن نجاحا حكوميا، وإنما كانت بمثابة الفرصة التي وجدتها الحكومة كثمرة ناضجة فتعاملت معها بسياسة “توجيه المسار” لتحقق أهدافها، كما في التقرير الذي نشره المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي ICSR ” وعلي ضوء ذلك فقد جاء تعامل الدولة مع المبادرة تاليا لإطلاقها عام 1997 وتم التعاطي الإيجابي معها عام 2001 بعد أحداث سبتمبر الشهيرة نظرا للظروف الدولية والإقليمية التي مر بها العالم آنذاك. 
أما عن توقيت الورقة فقد جاء بعد إطلاق المبادرة بخمسة عشر عاما بعد ثورة يناير بلا أدني مناسبة وجاء نشره في هذا التوقيت لمحاولة تحجيم ووقف انتشار وتمدد الجماعة الإسلامية الذي بدا للمتابعين أنها مؤهلة له بعد فوزها غير المتوقع في الانتخابات البرلمانية بشهر واحد.

عاشرا : الاستدلال بمرجعيات هشه
1-اعتمد الباحثون على مصادر غير موثقة في أغلب ورقتهم حيث احتل عبد المنعم منيب صدارة المصادر المعتمد عليها ب 15 اقتباس وبما يوحي أنه كان مطلع على كواليس المراجعات أو مشارك فيها برغم أنه لم يكن قريبا منها بحال ولهذا جاءت استنتاجات البحث الكثيرة التي اعتمدت على رواياته غير منهجية ولو تم تفريغ الورقة منها لما وجد البحث ما يعتمد عليه في استدلالاته ولا استنتاجاته. 
2-استند الكاتب أيضا الي أقوال الحكايمة وهو منفصل عن الجماعة حتي قبل المراجعات ولو كلف الكاتب نفسه عناء البحث لوجد بيانات الجماعة وقتها تؤكد انضمام الحكايمة للقاعدة قبل وقت المراجعات. 

الحادي عشر : الخلط بين الخلاف الشرعي والخلاف السياسي
استند الكاتب إلي مقتطفات من كلام الدكتور أسامه رشدي والشيخ محمد شوقي  واستنتج من خلاله رفضهما للمراجعات وهو أيضا كلام عار من الصحة فهناك فرق بين الخلاف الشرعي المفضي إلي رفض فكرة المراجعات بالكلية أو رفض الأسس والمنطلقات الشرعية التي قامت عليها المبادرة وبين الجانب السياسي منها وكيفية توظيفها والاستفادة منها ، فالخلاف حول المبادرة كان يدور حول سبل التفعيل والتوظيف السياسي لها 
يقول الدكتور أسامه رشدي تحت عنوان هل كانت المبادرة إعلان للهزيمة أم تحول استراتيجي (مركز حريات) 
يقول: لم تكن مبادرة وقف العنف في يوليو 1997من وجهة نظري إعلانا للهزيمة كما يذهب البعض بقدر ما كانت تعكس رؤية إسلامية وسياسيه واستراتيجية انتهت لقناعة كامله بأن العنف لم يساهم إلا في تكريس الاستبداد والانهيار على كل المستويات السياسية والاقتصادية وملف الحريات وحقوق الإنسان وأن العنف ليس هدفا في حد ذاته.
ثم يفرق بين قناعاته بالمبادرة وأهمية القضايا المطروحة وبين تخوفه من أخطاء المعالجة البوليسية فيقول:
ولكنني عبرت في أكثر من مناسبة في هذا الوقت عن خوفي على هذه المبادرة من المعالجات البوليسية التي لا تراعي الأهمية الاستراتيجية لهذه التحولات والتي لو أحسن تقديمها للرأي العام وللشباب الباحث عن الإجابات حول انشغالاته لأصبحت عملا مهما ولا سيما أن القضايا الفكرية التي عالجتها هذه المراجعات تتعلق بقضية لها أبعاد استراتيجية دولية وليست فقط قضية مصرية  
أما عن رأيه في نجاح المبادرة بعد سنوات من تفعيلها وأثرها علي ثورة يناير  فيقول:
لا نبالغ إذا قلنا أن المبادرة ونجاحها علي أرض الواقع نزع عن نظام مبارك ورقه الحرب علي الإرهاب التي كان يلوح بها دائما لتبرير احتجاز التطور الديمقراطي وإطلاق الحريات السياسية والمدنية وقد مهدت المبادرة لقدر من الانفتاح والتفاعل كان الأرضية التي مهدت لثورة 25 يناير 2011″
فالخلاف الذي ذكره الباحث بين الداخل والخارج كان مرده إلى الشق السياسي منها المتعلق بكيفية تفعيل المبادرة وسبل الاستفادة منها ولم يكن أبدا متعلقا بمشروعية المبادرة 

الثاني عشر : الخلاصات
ورقة الباحثين ليست موجهة للجماعة الإسلامية أو حزب البناء والتنمية تحت أي مستوي ولا علاقة لها مطلقا بالتقييم الموضوعي للمبادرة والمراجعات وإنما وضعت الورقة بهدف التنفير من المبادرات والمراجعات بشكل عام وذلك للتخديم على رؤية محددة تقتضي قطع الطريق على دعوات الشباب لإنقاذهم من محنة السجن وعلى التيار المنادي بضرورة الاستجابة لندائهم، فالورقة بالأساس موجهة للإخوان ابتداء وهو ما أشار إليه الباحثون في صدر ورقتهم “
” تزايد الجدل في الآونة الأخيرة حول مدى واقعية أو جدية المبادرات المطروحة من قبل بعض المعتقلين، من خلال الرسائل المسربة من السجون والتي وفَّر لها إعلام النظام المصري أحيانا مساحة واسعة للنقاش، وأعيد النقاش حول تجربة مراجعات الجماعة الإسلامية التي جرت قبل نحو عشرين سنة ……. وهو ما أسفر في النهاية عن الإفراج التدريجي عن بعض القيادات وكثير من العناصر”
ثم يذكر الباحث سبب التعرض للمبادرة فيقول:-
” سيفيد التعرف على ملامحها وسياقاتها وظروفها في بناء تصور واقعي حول المشاريع الشبيهة المطروحة حالياً “
ثم يتجاوز الكاتب كل المنهجيات المتعارف عليها في الأوراق البحثية ويشوه المبادرة وصانعيها ليصل إلى النتيجة المرادة المقررة سلفا فيقول في الخلاصة والاستنتاج النهائي :- ” أنها تجربة متأثرة بواقع السجن والهزيمة أمام قوة السلطة ” ثم يخاطب التيار المنادي بالمراجعات والحلول السياسية داخل الإخوان المسلمين سواء كانوا في السجن أو الخارج فيقول بشكل قسري ونهائي وجازم: “مهما تصور الذين يكتبون المراجعات الفكرية أنه عمل ذاتيٌّ خالص فهو في الواقع جزء من برنامج السلطة لتتويب الجماعات المعارضة لها، ولن يمكن أن تكون المراجعة الفكرية وسيلة للخروج من السجون إلا حين ترى السلطة نفسها أنها قد حققت غرضها من هذه المراجعات وأنها تأتي على مقاسها تماماً “
ثم يستكمل رسائله لذات المستهدفين فيقول: “وبهذا تكون النتيجة المباشرة لدراسة تجربة المراجعات داخل السجون هو التساؤل عن مدى استعداد السلطة للإفراج عن المعتقلين وليس مدى استعداد المعتقلين لتقديم مراجعات فكرية”
ثم يوجه رسالته لمن يفكر في عمل نقد وتقييم ذاتي أو مراجعات داخلية فيقول: “وفي مثل هذا السياق يكون الحديث عن أخطاء المعتقلين أو المعارضين نوعا من العبث الفكري أو حتى نوعا من النفاق السياسي للسلطة، وذلك أن الأخطاء السياسية التي ارتكبتها الجماعة الإسلامية قديما أو الإخوان المسلمون حديثا لا يمكن أن تقارن بإجرام نظام الدولة التي مارست كل أنواع الجرائم خارج القانون”.. علما بأن خطايا النظام لا تصحح بحال ـ من وجهة النظر الشرعيةـ أخطاء الحركات المعارضة له.
ثم يحذر من كون المراجعات ستكون سببا في تفكك الجماعة فيقول: “وبذلك يمكن القول بأن مراجعات الجماعة الإسلامية أدت إلى خروج عناصرها من السجن لكن مع تلاشي منهج الجماعة الذي تأسست عليه، وتفكك لحمتها، وإصابتها بتشوه يجعلها تسعى دائما للهرب من الماضي الذي يطارد مخيلة قادتها” وهو ما يتجاهل عودة الجماعة بالمراجعات إلى خطها الأصلي وخطتها الاستراتيجية قبل وقوع الصدام مع النظام وهو ما وضح بشكل جلي من خلال ممارساتها السياسية والجماهيرية آبان ثورة يناير وما بعدها واستمرار تمسكها بأهداف يناير التي تعتبرها معيار الإصلاح السياسي والاجتماعي في مصر.
ثم يذكر الفروق بين عهد مبارك والسيسي ليخرج بالمنتج النهائي فيقول: “وهذه الفروق لا تسمح بتاتاً بتوقع أن تكون عملية المراجعات داخل السجون المصرية الآن مفضية إلى نفس المصير الذي أفضت إليه عملية المراجعات الفكرية قبل نحو عشرين عاماً”

وأخيرا: فالبحث الذي سعي لتشويه المراجعات وأصحابها استهدف فيما يبدو عددا من الارتدادات يمكن ايجازها فيما يلي:-
1-توجيه رسائل تحذيرية إلى قواعد الإخوان المسلمين بشكل عام والتيار الداعم لفكرة المراجعات داخل الجماعة بشكل خاص سواء كانوا داخل السجون أو خارجها
2-الهجوم الشامل وغير المنهجي على مبدأ المراجعات يستهدف أو يؤدي لوقف عمليات النقد والتقييم الذاتي المتوقع والبحث في أخطاء الماضي التي لا يرغب البعض في كشفه أو الاعتراف به برغم أنه من حق المجتمع كله لأنه أصابه كله، وحجة الباحث أنها بمثابة النفاق السياسي للسلطة وأنها لا تقارن بجرائم الدولة.
3-تخفيف الضغط عن التيار الرافض للمراجعات السياسية والفكرية داخل الإخوان المسلمين وذلك عبر تقديم صورة سلبية عن المراجعات وتشويه القائمين عليها. 
4-إظهار الرافضين للمراجعات داخل الإخوان بصورة المحافظ علي قيم الجماعة وأعرافها 
5-صناعة رأي عام داخل الجماعة داعم لرفض المراجعات.
6-قطع الطريق على التيار الداعي للمراجعات واتخاذ خطوات سياسية للإفراج عن المعتقلين وإظهاره في صورة المتراجع الداعي لتفكك الجماعة وانهيارها.
7-وضع الداعين للمراجعات تحت ضغط الرأي العام الداخلي الرافض لها
أما عن توقيت البحث: فهو تزايد المطالبات الحالية سواء من داخل السجون أو خارجها لقيادات الإخوان المسلمين بالتدخل وطرح مبادرة لإنقاذ المعتقلين داخل السجون المصرية وربما تكون هناك مبادرات يتم إعدادها بالفعل، فجاء البحث في هذا التوقيت للتخفيف من حدة تلك المطالبات  
وأخيرا : إذا كان الباحثون أضاعوا كل قيم ومنهجيات البحث الأكاديمي في الاستدلال والاستنتاج بهدف تشوية تجربة مراجعات الجماعة الإسلامية وذلك من أجل أجندة ضيقه ربما توافقوا علي أهميتها ، فلربما يكونوا قد ساهموا فعلا في تشويه تجربة ناجحة في عين قطاع من متابعيهم كان من الممكن أن تستفيد بها، ولكنهم قطعا فقدوا جزءا كبيرا من مصداقيتهم لدي قطاع أخر، ولهذا فمن غير المتوقع أن يؤثر في قيمة ومركزية مبادرة وقف العنف التي أطلقها القادة التاريخيون للجماعة الإسلامية التي ستبقى نموذجا ناجحا للنقد الذاتي والإصلاح الداخلي مع الحفاظ على المسارات الاستراتيجية في ضوء الأصول الشرعية والنظرة الواقعية والمستقبلية.  

التعليقات

موضوعات ذات صلة